قائمة المقالات الصفحة الرئيسية

 

 إن شركات صنع الدهانات تزداد انتشارا في كل العالم، وكل شركة لها شعاراتها،.. ويهتم الإنسان كثيراً في الألوان، فهذه طبيعة الإنسان يهتم بالمنظر الخارجي، فعندما يشتري سيارة مثلاً، لا يهمه المحرك بقدر ما يفتش عن لمعانها الخارجي، وإذا اشترى بيتاً فلا يفكر هل أساسه متين؟ بل يجذبه ألوان الطلاء من الخارج والداخل، لكن بعد فترة يكتشف ذلك الشخص أنه خُدِعَ، فالسيارة فيها كثير من الصدأ والأعطال والبيت ظهرت عليه التشققات في الجدران والميلان في السقوف وظهرت عفونة الشتاء قرب زوايا الغرف وبقع الرطوبة ملأت الجدران. وقصة الدهان هذه تنطبق على حياة الإنسان، فكثيراً ما نحمل الفرشاة والطلاء لمعالجة كل شيء!!!.

 فقد نرى شخصاً قلبه أسود، مملوء خطايا وشرور، وكل ما نعمله هو طلاءه بقليل من الدهان الخارجي من هامة رأسه إلى باطن قدمه لتحسين صورته أمام الناس وبذلك نظن أنه صار أبيضاً طاهراً كالثلج!!. قد نرى ذلك في أفلام الأطفال الكرتونية !! لكنه واقع حال يجعلنا نحزن، وقد تقول لي لماذا؟ أنا أقول لكم.

 

هل ينفع أن أقول للشرير: أنت صديّق؟ أليس هذا طلاء خارجي؟ قيل عن عيسو أنه "زانياً ومستبيحاً" ( عبرانيين16:12) لكن يعقوب وضع عليه صبغ المديح فيقول له "لأني رأيتُ وجهك كما  يُرى وجه الله فرضيتَ عليّ" ( تكوين10:33).

 

           هل ينفع أن أقول للذين لا تقوى لهم وعائشين في النجاسة" تفضلوا وكونوا في

          المقدمة قادة لأمور الله المقدسة؟ كان ابنا عالي الكاهن منغمسين في حياة الرذيلة والنجاســـة   ( 1 صموئيل 22:2) ومع ذلك نقرأ هذا القول "فأرسل الشعب إلى شيلوه وحملوا من هناك تابوت عهد رب الجنود الجالس على الكروبيم. وكان هناك ابنا عالي حفني وفينحاس مع تابوت عهد الله" ( 1 صموئيل 4:4).

 

         هل ينفع أن أقول للذين يشجعون على سفك الدماء البريئة: أنتم مباركون من الرب؟ أليس هذا دهان شاول ابن قيس عندما أخبره الزيفيون إن داود مختبئ عندهم؟   ( 1 صموئيل 19:23-21).

 

         هل ينفع أن أقول لعابد الأصنام ولمبغض الرب " نحن واحد ومثلي مثلك ويدي في يدك؟ أليس هذا طلاء المجاملات بعد انتهاء حفلة الطعام التي أقامها أخاب الشرير ليهوشافاط؟

           فاستحى يهوشافط حسب المثل القائل    ( أطعم الفم تستحي العين) ( 2 أخبار أيام 3:18).

هل ينفع أن أطلي البعض بطلاء التشجيع فأقول للذين يكدسون الأموال ويسعون  

ليل ونهار لامتلاك قصور العاج والتمتع بأجمل الحفلات العالمية:   أنتم أناس  مكرسين، تركتم كل شيء لأجل خدمة السيد؟ هل ينفع أن أقول للذين يسلكون في الظلمة: ما أجمل حياتكم في النور، أنتم ستنيرون العالم بضياء أعمالكم؟

 

 لماذا هذه الدهانات المُبيّضة؟لماذا نستخدم فرشاة المدح الكاذب لتغطية صدأ الخطايا وعفونة الدنايا؟ وماذا أقول لكم أيها الإخوة بعد؟ إني احتد في روحي عندما أسمع واعظاً يقول للسامعين وهو يعرف خصامهم ومحاسداتهم: أشكر الله لأجل محبتكم الشديدة؟ أو يقول للذين لا شركة لهم ولا علاقة لهم بالرب: أنتم أبطال في الإيمان ورجال في الصلاة وفخر كل الخدام!!

 

إني أعتقد أنه يفعل هذا لكي يجعل لونه يتماشى مع ما يحبونه من ألوان تناسبهم!! كان الأجدر به أن يقدم لهم اللون الأسود، لون المسوح لكي يبكوا على خطاياهم، أو يقدم لهم اللون الأبيض، لون قداسة الله الذي يكشف حالتهم، أو لون الدم الأحمر لكي يتطهروا من آثامهم، لكن لون المسوح الأسود وطهارة الله البيضاء غير مرغوبة عند اللذين يحبون أن يتلونوا كل ساعة بلون الظروف كالحرباء وبالتالي فهم لا يرغبون أن يكلمهم أحد عن دم المسيح الذي يطهر من كل خطية.

أيها الأصدقاء ربما تكون رسالتي قاسية عليكم، لكن هذه هي الحقيقة، إذا لنحترز لأن المعلمين الكذبة والأنبياء الكذبة فعلوا هذا الشيء مع الشعب في القديم ( حزقيال 10:13-16، 28:22) لقد طمأنوا الشعب بوعود كاذبة، ورؤيا باطلة وأحلام خادعة، لذلك شبههم الكتاب بالبناءين الأردياء الذين يغطون بناءهم الرديء بماء الكلس white wash.

نحن بحاجة إلى أشخاص ينزعون طلاء التمويه عن فساد التفكير، وإلى استبدال دهان التشجيع بضرورة التوبيخ. بحاجة إلى ناثان الذي رفع دهان التلميع الملكي عن داود وقال له "أنت هو الرجل" بحاجة إلى ياهو بن حناني إلى وبخ يهوشافاط ( 2 أخبار أيام 2:19) لرفع طلاء المصاهرات. بحاجة إلى يوحنا المعمدان لرفع طلاء التدين الخارجي عن الفريسيين ( متى7:3-10). بحاجة إلى أشخاص مثل بولس الذي رفع طلاء الإدعاء بالمواهب في كنيسة كورنثوس. بحاجة أن نكون في هذه المواقف كربنا يسوع المسيح الذي وبخ من له شكل خارجي دون جوهر داخلي ( متى13:23-39). مرة أخرى أقول لنحترز من أن نطلي جدران مشققة لنظهرها أنها قوية وهي بالحقيقة مبنية على الرمل وسقوطها سيكون عظيما، وعندها تنكشف إن اللعبة كانت بالطلاء!!!!