الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

أهمية لاهوت المسيح

الفصل الأول

 

أهمية الإيمان بلاهوت المسيح                                                                                                                      يستمد موضوع لاهوت المسيح أهميته من كونه يشكل أحد أهم ركيزتين في الإيمان الكتابي.  وهاتان الركيزتان اللتان لا يقوم أي إيمان دونهما هما:  إن السيد المسيح هو الله في الجوهر, وإنه مات من أجل خطايا البشر على الصليب ودفن وقام في اليوم الثالث.  غير أن هاتين الركيزتين أو العقيدتين متصلتان.  فموت المسيح الفدائي عنا يأخذ قيمته من كون أن هذا الذي مات من أجلنا هو الله في الجوهر.  ومن شأن هذا أن يرفع إلى حد مطلق قيمة فداء المسيح لنا.  إذ يبين هذا أن الله أحبنا على قدر نفسه وعلى مستواه.  لم يرسل نبي عادي لكي يموت من أجلنا.  بل أرسل السيد المسيح المعادل له في الجوهر.  لم يشطب خطايانا بقرار من عنده لم يكلفه شيئا.  بل دفع مقابل ذلك ثمن لا سبيل إلى قياس مقداره، لأن له قيمة أبدية غير متناهية. وينبغي أن يلون هذا نظرتنا إلى الله والحياة وأنفسنا. ولهذا تطبيق عملي على حياتنا. فإن كان ذاك الإله الكبير قد رأى أن من المناسب له أن يموت من أجل شخص صغير مثلي, أفلا يكون مناسب لشخص صغير مثلي أن يعيش من أجل إله عظيم مثله؟

إنجيل يوحنا وهدفه

لنبدأ موضوعنا من الإنجيل حسب يوحنا. وإنه لأمر مناسب أن نبد من هذا الإنجيل الذي يمكن أن نطلق عليه إنجيل لاهوت المسيح.  فهو الإنجيل الأكثر صراحة في الحديث المباشر عن لاهوت المسيح الكامل.  ويجدر بنا أن نضع في اعتبارنا أنه كتب من أجل غاية إثبات هذا الأمر.  يقول كاتب الوحي: "وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب.  وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه." يوحنا 20: 31.

 

الإيمان بلاهوت المسيح شرط للمعمودية

الإيمان بلاهوت المسيح إذ قضية لاخيار لنا فيها.  فهي أمر يعلمه الكتاب المقدس.  وإذا لم نؤمنْ بذلك، لن تكون لنا حياة.  بل إن الكتاب المقدس جعل الإيمان بالمسيح بصفته ابن الله شرط للمعمودية التي ينضم بواسطتها المرء رسمي إلى جماعة المؤمنين بالمسيح.  يخبرنا الوحي الإلهي في الإصحاح الثامن من أعمال الرسل أنه عندما أراد الوزير الحبشي أن يعتمد, سأل فيلبس,"هوذا ماء.  ماذا يمنع أن أعتمد؟"  فكان جواب فيلبس بالوحي هو,"إن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز."  فهم الوزير الحبشي موضوع الإيمان الذي يقصده فيلبس فقال,"أنا أومن أن يسوع المسيح هو ابن الله."  فلم يكن هنالك بعد ذلك مانع يحوْل دون معموديته.

 

لاهوته يفرض علينا مسؤولية مضاعفة في الاستجابة لرسالته

كل كلام الله مستوجب التقدير والاحترام والطاعة.  والتمرد عليه أو التفلت من طاعته مستوجب العقاب.  لكنْ يبدو أن مسؤولية الإنسان تزداد بازدياد درجة تمثيل حامل الرسالة السماوية لمرْسله, أي الله.  كان الأنبياء قبل المسيح مجرد حملة موضوعيين لرسالة من الله مكلفين بإيصالها بغض النظر عن موقفهم منها أو مدى فهمهم لها.  فكان الله-المرسل- هو الطرف الأول, والأنبياء الطرف الثاني-حملة الرسالة-, والناس الطرف الثالث-متلقي الرسالة.  أما في حالة المسيح, فالوضع مختلف.  صحيح أنه صرح غير مرة أنه مرسل من الله أبيه مثل يوحنا 8: 18, إل أنه قدم تعاليمه على أنها صادرة عنه شخصي أيض.  فلم يتبعْ أسلوب الأنبياء الذين كانوا يقولون في سياق حديثهم, "يقول الرب." بل  كثير ما كان يقول, "سمعتم أنه قيل...وأما أنا فأقول..." مثل متى 5: 21-22؛ 27-28؛ 31-32؛ 33-34؛ 38-39.  ولأن المسيح يحمل نفس جوهر الله الآب في ذاته قال مثل في يوحنا 10: 31 "أنا والآب واحد." , كما سنبين, لم يكن هنالك طرف ثان منفصل في عملية إيصال الرسالة الإلهية.  إذ يلعب الله المتجسد أو ابن الله نفسه دور النبي رافع بهذا من قيمة الرسالة نفسها.  فوصلت الرسالة من الطرف الأول إلى الطرف الثالث مباشرة.

 وقد عبر كاتب الرسالة إلى العبرانيين عن هذا الفرق الهائل في مستوى موْصل كلمة الله إلى الناس بقوله في أول آية, "الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديم بأنواع وطرق كثيرة, كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه."  فالله تكلم بصورة شخصية جد في المسيح.  وهي صورة بلغت أقصى درجات المباشرة.  فكان المسيح نفسه, وكل كلمة نطق بها, وكل ما فعله جزء لا يتجز من رسالته.  كانت الأيام التي تحدث فيها مستخدم طرف ثاني هي الأيام الأولى.  أما الأيام التي كلمنا فيها شخصي في ابنه فهي الأيام الأخيرة. ويعني هذا أن هذا هو أرفع وآخر مستوى سيتحدث فيه الله, وبعد ذلك لم يعدْ لديه ما يقوله أو يضيْفه.

 وفي ضوء هذا يحذرنا الوحي في نفس الإصحاح من إظهار أي تقاعس عن الاستجابة لرسالة المسيح الرب.  يقول, "لذلك يجب أن ننتبه أكثر إلى ما سمعنا لئلا نفوته, لأنه إن كانت الكلمة التي تكلم بها ملائكة ( أي الرسالات التي أوحى بها الله للأنبياء عن طريق ملائكة) قد صارت ثابتة, وكل تعد ومعصية نال مجازاة عادلة, فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصا هذا مقداره؟  قد ابتد الرب بالتكلم به."     

 والآن، لنستمع إلى ما تقوله الآيات الثلاث الأولى من الإنجيل حسب يوحنا عن السيد المسيح:  "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله.  هذا كان في البدء عند الله.  كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان." يوحنا 1: 1-3  سنتناول من هذه الآية ثلاث نقاط:أول, أزلية المسيح؛ ثاني, دور المسيح في الخليقة؛ ثالث, جوهر المسيح.

أزلية وجود المسيح

إن أحد متطلبات اللوهة هو أزلية الوجود.  وهذا هو ما تعلمه الآية الأولى، "في البدْء كان الكلمة."  والبدْء هنا حسب رأي المفسرين الموثوقين هو بداية عملية الخلق.  وهم يرون هنا تشابه بين هذا التعبير وبين بداية سفر التكوين التي تقول:  "في البدْء خلق الله السماوات والأرض." تكوين 1:1.  ومهما كان المقصود, فإن الخليقة هي أول بدء.  فهي تشكل أول نشاط لله خارج ذاته.  وقبْل الخليقة الأولى لا يوجد مجال للحديث عن أي بدْء.  وهذا يعني أن الكلمة – أي المسيح – كان موجود أو بالأحرى كائن بالفعل عند بداية الخلق وقبلها.  ويؤيد النبي ميخا في العهد القديم هذا الأمر.  يقول عن مولود بيت لحم:  "مخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل."ميخا 5: 2  وبعبارة أخرى، قبل أن يخْلق أي شيء على الإطلاق،  كان الكلمة موجود أو كائن.  فلم يأت الكلمة نتيجة لعملية خلق.  ومن ليس مخلوق فهو بالضرورة خالق.  والخالق هو الله بالضرورة.  وهذا ما تصرح به بقية المقطع الكتابي.

 

 المسيح الخالق

 ويأتي هذا بنا إلى النقطة الثانية.  تقول الآية الثالثة,  "كل شيء به كان، وبغيره لم يكنْ شيء مما كان."  وهذا يعني عدة أمور. أول، كان الكلمة عامل في الخلق.  ثاني، خلق الكلمة كل ما هو مخلوق.  ثالث، ما دام الكلمة خالق كل شيء، فمعنى هذا أنه لم يخلق.  يقول بولس الرسول بوحي الله عن المسيح: "فيه خلق الكل:  ما في السماوات وما على الأرض، ما يرى وما لا يرى، سواء كان عروش أم سيادات أم رياسات أم سلاطين.  الكل به وله قد خلق."كولوسي 1: 16.  فكرْ في كل كائن آخر غير الله؛ ولتخطرْ ببالك ية خليقة من ي نوع؛ إن المسيح هو خالق ذلك كله.   ويعني النص أيض أن الخليقة وجدتْ من أجله وأنه هو قصد الخليقة.  ولا يجوز أن يكون غاية الغايات غير الله.

 

 الكــلمـة

ونعود إلى تعبير "الكلمة".  استخدم الوحي هذا التعبير من أجل تصحيح تصور خاطئ شاعه الفيلسوف اليوناني أناكْاساجوْراس الذي كان مطلع على العهد القديم.  ظن هذا الفيلسوف أنه ما كان ممكن لله أن يخلق شيئ بشكل مباشر دون أن تلوثه المادة المخلوقة.  فقد اعتقد أناكساجوراس أن المادة شر.  ولهذا اضطر الله حسب رأيه إلى خلق إله آخر ليقوم بعملية الخلق عنه!  وسمى ناكْساجوراس الإله المخلوق المزعوم "العقل" أو الكلمة.  فجاء الوحي لينسف أوهام هذا الفيلسوف.  فالكلمة حسب النص الكتابي هو العقل الشخصي غير المخلوق والحافظ للكون كله.  فلا يجوز أن يكون الخالق مخلوق.  والمادة المخلوقة لا تلوث خالقها.  والله غير قابل للتلوث. والكلمة أيض هو التعبير الحي عن جوهر الله وفكره وميوله.  فكما تتجلى أفكار الإنسان في كلامه, كذلك تجلى الله كامل في كلمته.  وكما تعتبر الكلمات على مستوانا البشري بنات للأفكار, كذلك يسمى المسيح الذي هو كلمة الله ابن الله.

 

  علاقة الكلمة بالله

أما بالنسبة لعلاقة الكلمة بالله، فيقول:  في البدْء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله." ونأتي هنا إلى النقطة الثالثة.  تقرر هذه الآية ثلاث علاقات بين الكلمة وبين الله.  أول، يشارك الكلمة الله في الأزلية.  إذْ تقول الآية إن الكلمة كان موجود في البدْء كما سبق أن ذكرْنا.  لكنها لا تقول إن الله كان في البدْء، لأن هذا أمر مسلم به ومفروغ منه.  ثاني، كان الكلمة موجود دائم مع الله وعنده وفي حضرته.  وتفيد الكلمة اليونانية المترجمة إلى "عند" معنى "وجه لوجه" و "في علاقة حميمة" و "في وضع متساو".  ثالث، كان الكلمة يحمل نفس الطبيعة التي يحملها الله نفسه، ومن هنا جاز للوحي أن يقول "وكان الكلمة الله." فكان الكلمة كل ما كانه الله.   وهكذا يزول التناقض الظاهري في قوله:  "والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله." وهكذا يبين النص تميز الكلمة عن الله الآب؛ فهو ليس الله الآب. لكنْ ليس للكلمة علاقة خارجية بالله الآب فقط, لكنه مطابق له أيض من حيث الجوهر.  ولهذا طبق عليه لقب "الله" بثقة.  ولا يستخدم الوحي تعبير "الله" ليطبقه على المسيح مجاز.  بل يطبق عليه كل ما يمكن أن يتضمنه هذا التعبير.  وهذا واضح من أسلوب حديثه عن المسيح على مدى الإنجيل حسب يوحنا.

 

هو الله... فبل تجسده وبعده

ولا تقتصر الإشارة إلى المسيح بصفته الله على ما كان عليه قبل تجسده ومجيئه إلى هذا العالم.  يتحدث مثل الرسول بولس عن المسيح عندما كان يحيا كإنسان من لحم ودم فيقول: "يحل فيه (أي في المسيح) ملء اللاهوت جسدي."كولوسي 2: 9.

 

 إعلان الله الكامل الوحيد في المسيح

تكمن أهمية هذا الأمر في أن المسيح يمثل الله تمثيلا شخصي كامل.  فالله يعلن لنا نفسه من خلال المسيح وفي المسيح.  فإن أردْنا أن نعرف الله وطبيعته، فما علينا إل أن ننظر إلى المسيح.  وإذا استطعْنا أن نرى المسيح، فإنه لا حاجة بنا في هذه الحياة إلى مزيد من الإعلان عن الله.  ففي السيد المسيح كل ما يمكن معرفته عن الله.  يقول الوحي عنه، "هو صورة الله غير المنظور."

 

 هو رب على وجه التخصيص

ومن الجدير بالذكر أن المسيح لم يوصفْ بأنه "الله" أو "إله" على سبيل الإطلاق فقط.  بل دعي على سبيل التخصيص أيض "ربي وإلهي" يوحنا 20: 31.  كانت هذه هي صرخة تلميذه توما الذي لم يصدقْ في بادئ الأمر خبر قيامة سيده من بين الأموات.  لكنه نطق بهاتين الكلمتين المعبرتين عندما شهد برهان قيامة ربه وإلهه.  فهل نكرر نفس قوله؟

أسئلة الفصل الأول
ماذا يعني قول الوحي عن المسيح: "في البدء كان الكلمة"؟
ماذا يعني قول الوحي عن المسيح: "والكلمة كان عند الله"؟
أية آية في إنجيل يوحنا تبين أن المسيح لم يُخلَق؟


www.agape-jordan.com - 2005