الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

ملاك الرب (4)

الفصل العاشر

نواصل في هذا الفصل تأملاتنا في ظهور السيد المسيح في العهد القديم قبل تجسده.  وسنتطرق إلى بعض وظائفه بصفته ملاك الرب.

العهد الجديد يشهد بمرافقة المسيح لمؤمني العهد القديم 

لا شك أن الرسل في العهد الجديد آمنوا بوجود المسيح السابق لتجسده.  وإن من المؤكد أن بولس الرسول العظيم للسيد آمن بكل قوة أن السيد ظهر في العهد القديم على صورة ملاك الرب.  يتحدث بولس بوحي الله عن بني إسرائيل في زمن موسى فيقول:  "وجميعهم أكلوا طعام واحد روحي، وجميعهم شربوا شراب واحد روحي، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم.  والصخرة كانت المسيح.  لكن بأكثرهم لم يسر الله، لأنهم طرحوا في القفر."1 كورنثوس 10: 3-4.

 

كان يقوتهم 

يتحدث بولس، رسول المسيح، كيف أن المسيح نفسه كان يقوت بني إسرائيل ويحفظهم.  زودهم بالطعام في جوعهم وبالماء في عطشهم بطريقة خارقة.   أنزل عليهم المن من السماء.  وفجر لهم عين ماء من صخرة.  فكان مصدر حياة الجسد لجماعة المؤمنين.  أتى بموارد السماء ووضعها بين أيديهم، مبين أنه مصدر البركات.  وقد فعل أمر مشابه في العهد الجديد.  فقد أشبع ذات مرة خمسة آلاف رجل عدا النساء والأطفال بخمسة أرغفة وسمكتين.متى 14: 13-21.  فقد تكاثر الطعام بين يديه أضعاف مضاعفة.  وفي مناسبة أخرى أشبع أربعة آلاف رجل بسبعة أرغفة وقليل من صغار السمك.متى 15: 32-38.  فكان الدرس الذي علمه لتلاميذه والمؤمنين به هو أل يقلقوا من أين يحصلون على أسباب الحياة ما داموا معه.متى 16: 5-10.  فهو المتحكم في مخازن السماء.  وهو الذي يبث الخصب في الأرض.  ويعرف صفات الطعام وكيف يمكن أن يتكاثر.  ويدل هذا بقوة على هويته بصفته الله.

 

يعرف مكان السمك  

يئس بطرس وبعض تلاميذ يسوع من صيد أي شيء بعد ليلة طويلة قضوها في بحيرة طبرية.  وعندما جاء يسوع إليهم "قال لهم، ’لقوا الشبكة إلى جانب السفينة الأيمن فتجدوا؛ فألقوا، ولم يعودوا يقدرون أن يجذبوها من كثرة السمك.‘يوحنا 21: 6.  لنلاحظ الثقة التي تكلم بها.  كانت ثقة العارف لما يقول، كأنه كان يرصد تحركات السمك لحظة فلحظة.  وجاء اصطيادهم لهذه الكمية غير العادية من السمك مصادقة مطلقة على ما قاله.

 

له معرفة تفصيلية دقيقة خارقة

وفي مناسبة أخرى جاء جباة الهيكل وتكلموا مع بطرس، تلميذ المسيح.  سألوه إن كان معلمه سيدفع الضريبة المستوفاة على الأفراد للهيكل، وهي درهمان.  ولما لم يكن مع بطرس ولا مع يسوع هذا المبلغ، قال يسوع لبطرس: اذهب إلى البحر وألق صنارة.  والسمكة التي تطلع أول خذها، ومتى فتحت فاها تجد إستار (أي أربعة دراهم)، فخذه وأعطهم عني وعنك."متى 17: 24-27.  وهكذا كان.  وهكذا وفى السيد بالتزامه والتزام تلميذه بطرس وأنقذه من الحرج.  عرف بعلمه العجيب أن أول سمكة سيصطادها بطرس في وقت محدد ومكان محدد ستحمل إستار في فاها.  وهذه ظروف تصعب السيطرة عليها على غير الله.  يهتم المسيح بحاجات أتباعه ما داموا مهتمين بما يهمه.  ولهذا يقول لهم: "اطلبوا أول ملكوت الله وبره، وهذه كلها تزاد لكم."متى 6: 33.  لا يطلب إلينا أن نتجاهل حاجاتنا.  لكنه يتوقع منا أن نضعها في إطارها الصحيح وأن نعطيها أولوية مناسبة.

 

المسيح هو الصخرة 

نعود الآن إلى نصنا الأصلي.  يقول النص إنهم كانوا يشربون، أي مرار وتكرار، من صخرة تابعتهم.  ولعل الترجمة الأدق هي "رافقتهم".  فلم تنفذ مؤونتهم حيثما كانوا.  ويحدد بولس أن المسيح نفسه كان تلك الصخرة.  وهذا قول جريء من قبله، لأن الصخرة هي اسم من أسماء الله في العهد القديم.  يتحدث موسى مثل في سفر التثنية عمن رفض الإله الذي أنقذه فيقول: "فرفض الإله الذي عمله، وغبي عن صخرة خلاصه."تثنية 32: 15.  ويقول إشعياء: ’توكلوا على الرب إلى الأبد، لأن في ياه الرب صخرة الدهور." إشعياء 26: 4.  وهو بهذا يساوي ما بين المسيح وبين الله أو الرب أو يهوه في العهد القديم.

 

صخرة عاقلة 

ويشير التقليد اليهودي إلى أن هذه كانت صخرة تتحرك وبها بئر.  لكن ما يؤكد كلام الوحي أن تلك الصخرة كانت المسيح أو تمثله هو ما حصل لموسى.  كان الله قد قال لموسى: "خذ العصا واجمع الجماعة أنت وهارون أخوك، وكلما الصخرة أمام عينهم أن تعطي ماءها، فتخرج لهم ماء من الصخرة وتستقي الجماعة ومواشيهم." عدد 20: 8.  لنلاحظ أن الرب طلب إلى موسى أن يكلم الصخرة، أي أن الصخرة أكثر من مجرد صخرة, وستفهم ما يطلبه موسى منها.  لكن ما فعله موسى بعد ذلك لم يكن أمر مقبول لدى الله.  يقول الوحي: "ورفع موسى يده وضرب الصخرة بعصاه مرتين، فخرج ماء غزير.  فشربت الجماعة ومواشيها."عدد 20: 11.

 

خطيئة موسى 

وهكذا ضرب موسى الصخرة مرتين بدل من أن يكلمها كما قال له الرب.  لم يكن له عذر في ما فعله.  إذ ضرب في غضبه الصخرة التي مثلت حضور الله ببركاته معهم.  ويفعل كثيرون من البشر أمر مشابه.  فهم ينفثون في وجه الله غضبهم على الآخرين.  صحيح أن الله استجاب لما فعله موسى بأن أخرج ماء غزير من الصخرة.  لكنه قرر معاقبته وأخاه هارون.  "فقال الرب لموسى وهارون: ’من أجل أنكما لم تؤمنا بي حتى تقدساني أمام أعين بني إسرائيل، لذلك لا تدخلان هذه الجماعة إلى الأرض التي أعطيتهم."

 

صورة مسبقة للصلب وبركاته 

كانت خطية موسى عظيمة بضربه للصخرة حتى إن الرب لم يسمح له بأن يدخل أرض الموعد.  فهل نجد في ما فعله موسى بالصخرة صورة رمزية مسبقة لما سيفعله بنو إسرائيل لاحق بالمسيح بضربهم وصلبه له؟  كان ضرب موسى للصخرة خطيئة عظيمة تمت بدوافع خاطئة.  لكن نتج عنها تدفق ماء غزير من الصخرة لكي يرتوي بنو إسرائيل ويظلوا على قيد الحياة هم ومواشيهم.  وكان صلب المسيح جريمة نفذها بنو إسرائيل بدوافع خاطئة.  سمرت يداه ورجلاه.  وطعن جنبه بحربة.  فتدفق دم غزير كان وسيلة لغفران الخطايا والفداء.  يقول بولس رسول المسيح بوحي الله:  "الذي لنا فيه (أي المسيح) الفداء، بدمه غفران الخطايا."كولوسي 1: 14.  وصار بعد ذلك ممكن أن يسكب روحه القدوس لكي يشرب منه كل من يعطش إلى الله وحضوره وبره والحياة الأبدية.  وقد أكد يسوع نفسه هذا.  يقول الوحي:  "وفي اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائل: ’إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب.   من آمن بي، كما قال الكتاب، تجري من بطنه أنهار ماء حي."  أما كل ماء آخر فهو مالح يزيد المرء عطش على عطش.

 

الشعب في العهد القديم جرب الله 

ويكمل بولس رسول المسيح حديثه عن بني إسرائيل ومعاملات السيد معهم قبل تجسده.  يقول في آية عظيمة الدلالة: "ولا نجرب المسيح كما جرب أيض أناس منهم فأهلكتهم الحيات."1  هذا كلام خطير يزيده وضوحه خطورة.  يقول الوحي إنه لا يجب أن يجرب مؤمنو كنيسة كورنثوس المسيح كما جربه بنو إسرائيل قديم.  ويعني أن يجرب المرء المسيح أو الله أن يعرضه لامتحان مطول قاس، حتى يرى المدى الذي يمكنه أن يذهب إليه في تحديه لمتطلباته.  إنه يعني محاولة متعمدة لمعرفة الحدود التي يبد عندها غضب الله بالاشتعال.  وقد أدى هذا في حالة بني إسرائيل إلى تأديب بني إسرائيل بإرسال حيات عليهم.  لكن ما الذي يقوله نص العهد القديم عن ذاك الذي جربه بنو إسرائيل.  إن التجربة بهذا المعنى مرتبطة دائم في العهد القديم بالرب أو يهوه أو الله.  وقد اقتبس يسوع نفسه آية من العهد القديم.  قال: "إنه قيل: لا تجرب الرب إلهك." لوقا 4: 12.  تقول الآية التي اقتبسها السيد في سفر التثنية: "لا تجرب الرب إلهك كما جربتموه في مسه." تثنية 6: 16.  والإشارة هنا هي إلى نفس الحادثة السابقة والمكان السابق.  وعلى هذا، فإن المسيح الذي جربه بنو إسرائيل وفق كلام العهد الجديد هو الرب يهوه إله إسرائيل في العهد القديم.  وإنه لجدير بنا أن نأخذ هذا في اعتبارنا.  وإنه لأمر ضروري أن يعرف المرء إلهه.

 

أسئلة الفصل العاشر:

  ما الذي تدل عليه قدرة يسوع على تكثير الطعام، كما حدث في معجزة السمكتين والأرغفة الخمسة؟

 كيف تعرف أن الصخرة التي ضربها موسى مرتين بعصاه أكثر من مجرد صخرة؟ وماذا كانت خطية موسى؟

  يقول الوحي، "ولا نجرّب المسيح كما جرَّب أيضاً أناس منهم فأهلكتهم الحيات." ما هي دلالات هذه الآية؟

 


www.agape-jordan.com - 2005