الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

ظهورات أخرى

الفصل السادس عشر

 

سنتناول في هذا الفصل مسألة ظهورات المسيح ما بين العهدين القديم والحديث.

 

نبوخذنصر يأمر بالسجود لتمثال إلهه 

يبدو أن ملاك الرب ظهر في عدة مشاهد في العهد القديم بطريقة تدل على صلته بالمسيح.  ومن أمثلة ذلك ما حدث مع الفتية الثلاثة الذين رفضوا أن يطيعوا أمر الملك نبوخذنصر بالسجود لتمثال الذهب الذي بناه.  يحدثنا النبي دانيال فيقول إن "نبوخذنصر الملك صنع تمثالاً من ذهب... ونادى مناد بشدة: ’قد مرتم أيها الشعوب والأمم والألسنة، عندما تسمعون صوت القرن والناي والعود والرباب والسنطير والمزمار وكل أنواع العزف، أن تخروا وتسجدوا لتمثال الذهب الذي نصبه نبوخذنصر الملك.  ومن لا يخر ويسجد، ففي تلك الساعة يلقى في وسط تون نار متقدة."دانيال 3: 1، 4-6.

 

تضمينات عدم السجود للتمثال 

أراد نبوخذنصر أن يكسب رضا شعبه ويعزز تقاليده.  فبنى تمثالاً لأحد آلهته وهو مردوك أو بيل، لعل إلهه الوثني يذكره بمراحمه.  وصدر حكماً مسبقاً بالموت حرقاً على من يتوانى عن السجود الفوري لإلهه.  إذ سيكون الامتناع عن السجود برهاناً قاطعاً على خيانة الشخص المعني للملك، واحتقاراً لإلهه، وخيانةً لشعب البلاد.  كان السجود للتمثال مقياساً ظاهراً للولاء.  أما عدم السجود فكان تجريماً للذات.

 

الفتنة على الفتية الثلاثة 

كان في قصر الملك ثلاثة من الفتية المكرسين لله.  وجد هؤلاء بسبب أمانتهم وجدهم وإخلاصهم في خدمة الملك حظوةً لديه.  . فأثار هذا حسد الحاسدين, واضعين في اعتبارنا أنهم كانوا غرباء سبق أن سباهم الملك إلى بابل. ولهذا بدا استهدافهم أمراً مبرراً وربما سهلاً..  يقول الوحي: "لأجل ذلك تقدم حينئذ رجال كلدانيون واشتكوا على اليهود.  قالوا للملك: "يوجد رجال يهود، الذين أوكلتهم على أعمال ولاية بابل: شدرخ وميشخ وعبدنغو.  هؤلاء الرجال لم يجعلوا لك أيها الملك اعتباراً.  آلهتك لا يعبدون، ولتمثال الذهب الذي نصبت لا يسجدون."دانيال 3: 8، 12.

 

الملك يعطي الفتية الثلاثة فرصة أخيرة 

كان الملك يعز هؤلاء الفتية الثلاثة.  فلم ينفذ فيهم حكم الموت فوراً.  بل أراد أن يتيح لهم فرصةً للتراجع عن موقفهم.  قال لهم بقصد تخويفهم: "تعمداً يا شدرخ وميشخ وعبدنغو لا تعبدون آلهتي ولا تسجدون لتمثال الذهب الذي نصبت!  فإن كنتم الآن مستعدين عندما تسمعون صوت القرن والناي والعود والرباب والسنطير والمزمار وكل أنواع العزف إلى أن تخروا وتسجدوا للتمثال الذي عملته.  وإن لم تسجدوا، ففي تلك الساعة تلقون وفي وسط تون النار المتقدة.  ومن هو الإله الذي ينقذكم من يدي؟"

 

هل هنالك مكان لعبادة إله آخر مع الله 

لم يكن مطلوباً إلى الفتية الثلاثة أن ينكروا إيمانهم بالرب.  فهذا أمر لا يهم الملك في كثير أو قليل.  بل كان مطلوباً إليهم أن يعبدوا إله الملك بغض النظر عن أي إله آخر أو آلهة خرى يعبدونها بالإضافة إليه.  لكن هذا لم يكن أمراً مقبولاً لدى عابدي الله الواحد الذي لا يقبل معه شريكاً في العبادة.  فقبول شريك له يعني إنكاره.

 

قبول تحدي الملك!

رأى الفتية في كلام الملك تحدياً شخصياً لإلههم الذين آمنوا بقوته.  بل إن الملك تحدى أية آلهة أخرى مفترضة يؤمن بها أي كان أن تستطيع إنقاذهم من يده.  كان الموقف مشبعاً بالرهبة، لأن المتكلم هو أقوى امبراطور عرفه التاريخ.  يقول الوحي: "فأجاب شدرخ وميشخ وعبدنغو وقالوا للملك: ’يا نبوخذنصر، لا يلزمنا أن نجيبك عن هذا الأمر.  هوذا يوجد إلهنا الذي نعبده يستطيع أن ينجينا من تون النار المتقدة، وأن ينقذنا من يدك أيها الملك.  وإل فليكن معلوماً لك أيها الملك، أننا لا نعبد آلهتك ولا نسجد لتمثال الذهب الذي نصبته.‘"دانيال 3: 16-18.

 

الإيمان العظيم يستحق أن يعاش ويمات من أجله 

لم تكن القضية تقبل المساومة.  وفي مثل هذه الحالة لا يخيف الموت إل الجبناء.  فلا يوجد أي اعتبار يجعل المؤمن ينكر إيمانه.  ولا قيمة لإيمان لا يكون المرء مستعداً للموت من أجله.  لم يجد الفتية أنفسهم ملزمين, وهم يواجهون الموت, بأن يحترموا الملك الذي لم يحترم إلههم.  فخاطبوه باسمه الشخصي مجرداً من لقبه.  أكدوا أن إلههم موجود فعلاً على نقيض الآلهة المفترضة.  وأكدوا أنه قادر على تخليصهم من الملك وناره.  غير أن عظمة إيمانهم ظهرت على أروع صورة في أنه لم يكن إيماناً مشروطاً بإنقاذ الله لهم من النار.  كانوا مستعدين أن يموتوا من أجل إلههم.  فلن يسمحوا بأن يحولهم التهديد بالموت إلى جبناء.  فأن يموت المرء ميتةً ذات معنى خير له من أن يحيا حياةً دون معنى.  ولا معنى لحياة تعود فيها المرء على إنكار إيمانه.

 

الملك يعاقب الفتية الثلاثة سبعة أضعاف 

تغير الآن موقف الملك كلياً من الفتية.  "حينئذ امتلأ نبوخذنصر غيظاً وتغير منظر وجهه على شدرخ وميشخً وعبدنغو.  فأجاب وأمر بأن يحموا التون سبعة أضعاف أكثر مما كان معتاداً أن يحمى.  وأمر جبابرة القوة في جيشه بأن يوثقوا شدرخ وميشخ وعبدنغو ويلقوهم في أتون النار المتقدة."دانيال 3: 19-20.  وهكذا حدث.  "ومن حيث إن كلمة الملك شديدة والأتون قد حمي جداً، قتل لهيب النار الرجال الذين رفعوا شدرخ وميشخ وعبدنغو."دانيال 3: 22.  ويقول الوحي إن الفتية "سقطوا موثقين في وسط تون النار المتقدة."دانيال 3: 23.

 

من أين جاء هذا الرابع-ابن الآلهة؟

بقي الملك ليتمتع بصوت صراخهم وعذابهم.  فقد فرح لأنه سيلقن العالم كله درساً في هؤلاء الثلاثة الذين جرؤوا على تحديه.  وفرح حاسدوهم معه.  غير أن مفاجأةً كانت في انتظاره.  "حينئذ تحير نبوخذنصر الملك وقام مسرعاً.  فأجاب وقال لمشيريه: ’ألم نلق ثلاثة رجال موثقين في وسط النار؟‘ فأجابوا وقالوا للملك: ’صحيح أيها الملك.‘ أجاب وقال: ’ها أنا ناظر أربعة رجال محلولين يتمشون في وسط النار وما بهم ضرر.  ومنظر الرابع شبيه بابن الآلهة.‘"3: 24-25.  جاء ابن الآلهة أو ابن الله هذا لكي ينقذ متقيه وأتباعه.  فنهضهم وحل قيودهم وحماهم من كل ضرر، مبيناً أن مصيرهم هو في يده وحده.  فكان مجيئه موافقاً ومبرراً لإيمانهم.

 

اعتراف نبوخذنصر بقدرة ملاك الله

"ثم اقترب نبوخذنصر إلى باب تون النار المتقدة وأجاب، فقال: ’يا شدرخ وميشخ وعبدنغو، يا عبيد الله العلي اخرجوا وتعالوا." 3: 26.  وعندما خرجوا، رأى الجميع أنه "لم تكن للنار قوة على أجسامهم، وشعرة من رؤوسهم لم تحترق، وسراويلهم لم تتغير، ورائحة النار لم تأت عليهم.  فأجاب نبوخذنصر وقال: ’تبارك إله شدرخ وميشخ وعبدنغو الذي أرسل ملاكه وأنقذ عبيده الذين اتكلوا عليه."دانيال 3: 27-28.  وهكذا اعترف نبوخذنصر بالله العلي وقوته.  وقر بالوحي أن الذي جاء لينقذهم هو ملاك الله.  فابن الآلهة أو ابن الله المذكور سابقاً هو نفسه ملاك الله إذاً.  وقد سبق أن بينا في حلقات سابقة ببراهين كثيرة أن ملاك الله هو نفسه الله.  ويشير هذا بقوة إلى المسيح.  وتنتهي القصة بأن منع الملك تحت طائلة العقوبة بالموت أحداً من التكلم بالسوء على الله العلي.  ثم أعطى الفتية مراكز أفضل.  لكن ذروة القصة هي في موقفهم البطولي أمام الملك.  لم يكونوا يعرفون مسبقاً أن الله سينقذهم, لكن هذا لم يهز موقفهم ولم يقدهم إلى المساومة.  إنه لأمر عادي-على الرغم من قيمته العظيمة عندنا نحن البشر-أن يتدخل الله وينقذ ويخلص.  فهذا أمر  متوقع من هذا الإله المحب الوفي العظيم. لكن الأمر الذي يثمنه الله كثيراً هو وفاؤنا له وتمسكنا به حتى حين يهدد أن  يكلفنا هذا حياتنا.

 

بطولة بلون جديد
تقدم هذه الحادثة صورةً غير مألوفة للعظمة والبطولة, صورة مختلفة عن تلك المطبوعة في أذهان عابدي الأبطال في عصرنا. لم ير هؤلاء الفتية في قربهم من الملك إرضاءً لطموحهم. ولم يروا في ترف القصور وغناها إشباعاً لتطلعاتهم. لم يكن البحث المسعور عن قبول الآخرين واستحسانهم دافعهم. كان لهم لون وطعم ورائحة مميزة ومميزة. فلم يقبلوا أن يكونوا عجيناً تشكله الظروف أو المخاوف أو المصالح. كانت طهارتهم أمراً لا يقبل التلوث وتكريسهم مسألةً غير مطروحة للمفاوضة. البطولة هنا هي أن يقرر المرء أن يتصدى المؤمن بثبات لكل ما يحاول أن يغريه بخيانة إلهه وقيمه. العظمة هي أن يرفض كل ضغط ويصمم على أن يكون نقياً في وسط جيل مستسلم لشهوات الجسد والعيون وتعظم المعيشة. بل إنه جيل يمشي طوعاً نحو فخاخ الشيطان, بل يبحث عنها بحثاً. ليست العظمة أن يكون المرء متميزاً في العالم وإنما متميزاً عن العالم. العظمة هي أن يتكلم المرء لغة الله في بيئة لا تريد إل أن تسمع لنفسها بعد أن أدارت ظهرها لله. البطولة هي أن تكون مستعداً أن تدفع ثمن إيمانك في الوقت الذي يعتبر الآخرون هذا الأمر تهوراً وغباءً. هذا هو نموذج البطولة والعظمة الذي يجب أن   يبرز!

 

داود يحث ملوك الأرض أن يعبدوا الابن ويتكلوا عليه 

توجد في العهد القديم إشارات أخرى إلى ابن الله أو ابن الرب.  يقول داود مثلاً في المزمور الثاني مخاطباً ملوك الأرض وقضاتها: "اعبدوا الرب بخوف، واهتفوا برعدة.  قبلوا الابن لئل يغضب فتبيدوا من الطريق.  لأنه عن قليل يتقد غضبه.  طوبى لجميع المتكلين عليه." مزمور 2: 11-12.  لنلاحظ أن داود يضع هنا عبادة الرب بتقوى وتقبيل الابن جنباً إلى جنب.  فهذه هي العبادة المقبولة.  يوحي تقبيل الابن بتقديم فروض الولاء والطاعة له.  ويفيد أيضاً توجيه القلب إلى محبته.  بل إن العبادة الحقة هي تعبير عن المحبة لله.  وهي لهذا تشبع القلب وتفرحه.  فهي ليست أداء واجبات مفروضة.  أنها رغبة شديدة في الاقتراب إلى الله الابن وتقبيله على حد تعبير داود.  ولا عبادة بلا محبة.  بل إن محبتنا للابن يجب أن تفوق عملياً محبتنا لأقرب أقربائنا.  قال المسيح: "من أحب أباً أو أما أكثر مني فلا يستحقني.  ومن أحب ابناً أو ابنةً أكثر مني فلا يستحقني."متى 10: 37.  ما كان المسيح ليطلب هذه المحبة وما كان ليستحقها لولا أنه الابن المستوجب للإكرام والعبادة.  ولعل هذا يذكرنا بما قاله المسيح لتلاميذه: "لا تضطرب قلوبكم.  أنتم تؤمون بالله، فآمنوا بي."يوحنا 14: 1.  ويعني هذا في ما يعني أن إيماننا بالله الآب يجب أن يقودنا إلى الإيمان بالابن على نفس المستوى.  ويعني أيضاً الاتكال على الابن بنفس طريقة الاتكال على الله الآب.  ولا تناقض بين الأمرين.  فربوبية يسوع تسهم في مجد الله الآب ولا تنتقض منه.  يقول بولس رسول المسيح بوحي الله إن "يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب."فيلبي 2: 11.  فلا تنافس ولا صراع ولا حسد ضمن الجوهر الإلهي الواحد والقصد الواحد.

 

سؤال: ما اسم ابنه؟ 

وتتحدث أمثال سليمان في العهد القديم أيضاً عن الله الخالق وابنه.  يقول الوحي, "من صعد إلى السماوات ونزل؟  من جمع الريح في حفنتيه؟  من صر المياه في ثوب؟  ومن ثبت جميع أطراف الأرض؟  ما اسمه؟  وما اسم ابنه إن عرفت؟"مثال 30:  4-5.

 

وحي العهد الجديد يحل اللغز 

يتحدث الوحي الإلهي هنا وكأنه يضع أمامنا سراً روحياً عميقاً.  إنه يطرح أسئلةً تذكرنا بالألغاز التي يحتاج حلها إلى فطنة وفهم.  فهو يسأل أولاً إن كنا نعرف من الذي صعد إلى السماوات ونزل؟ ونحن نعرف يقيناً من الكتاب المقدس الذي يجيب عن هذا السؤال أنه يتحدث عن المسيح.  يقول الوحي: "وأما البر الذي بالإيمان فيقول هكذا: ’لا تقل في قلبك: من يصعد إلى السماء؟‘ أي ليحدر المسيح، أو’من يهبط إلى الهاوية؟‘ أي ليصعد المسيح من الأموات.  لكن ماذا يقول؟ ’الكلمة قريبة منك، في فمك وفي قلبك، أي كلمة الإيمان التي نكرز بها: لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات، خلصت.  لأن القلب يؤمن به للبر، والفم يعترف به للخلاص."رومية 10: 6-10.

 

لماذا نزل المسيح وصعد

لقد نزل الابن الأزلي من السماء ليتجسد في المسيح.  ومات من أجل خطايانا ونزل إلى مكان الأموات.  ونزل الله بقوته لكي يقيمه.  وبعد مدة صعد المسيح إلى السماء حيث كان أولاً.  قال المسيح نفسه لليهود: "فإن رأيتم ابن الإنسان صاعدا إلى حيث كان أولاً!" يوحنا 6: 62.

 

العهد الجديد يكمل صورة المسيح في العهد القديم 

ثم يسأل نص سفر الأمثال إن كنا نعرف من الذي يتحكم بالطبيعة وقواها. ويسأل إن كنا نعرف من الذي وضع المياه في ثوب.   وربما تكون الإشارة هنا إلى السحب أو أحواض المحيطات والبحار.  ويسأل أيضاً عن هوية ذاك الذي ثبت الأرض كلها.  والجواب عن هذه الأسئلة الثلاثة بطبيعة الحال هو الله.  ثم يأتي السؤال المفاجأة:  "ما اسمه، وما اسم ابنه إن عرفت؟"  فهل لله ابن ؟ ولكي نجيب عن هذا السؤال بشكل حاسم، لا بد أن ننتقل إلى العهد الجديد.  فهو يقدم لنا يسوع المسيح بصفته ابن الله.  لكن من الواضح أن مفهوم المسيح كابن لله كان موجوداً في العهد القديم.  ويبقى أن يقبل الإنسان العاقل المتفتح الذهن الدليل.

 

أسئلة الفصل السادس عشر
كيف ظهرت بطولة الفتية الثلاث في دانيال 3؟
من هو "الشخص" الرابع الذي ظهر في أتون النار؟
ما علاقة محبتنا لله بعبادته؟
اذكر آية من العهد القديم تلمّح إلى أن لله ابناً؟

 


www.agape-jordan.com - 2005