الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

المسيح القدوس (6)

الفصل السابع والعشرون

 سنتناول في هذا الفصل بعض الاتهامات التي وجهت إلى السيد المسيح والتي تشكل محاولة للطعن في قداسته.

 

لعن التينة غير المثمرة فيبست!

أثار بعضهم شكوك حول قداسة المسيح في حياته على الأرض.  وحاول بعضهم أن يجد في الأناجيل نفسها التي تتناول سيرة المسيح ما يمكن أن يبني عليه اتهاماته. وفي ما يلي حادثة يبني عليها برتراند رسل اتهام ليسوع.  يقول الوحي: "وفي الصبح إذ كان راجع إلى المدينة جاع.  فنظر شجرة تينٍ على الطريق، وجاء إليها فلم يجد فيها شيئ إل ورق فقط.  فقال لها: "لا يكن منك ثمرٌ بعد إلى الأبد!"  فيبست التينة في الحال.  فلما رأى التلاميذ ذلك تعجبوا قائلين: ’كيف يبست التينة في الحال؟‘ فأجاب يسوع وقال لهم: ’الحق أقول لكم: إن كان لكم إيمانٌ ولا تشكون، فلا تفعلون أمر التينة فقط، بل إن قلتم أيض لهذا الجيل: انتقل وانطرح في البحر فيكون.  وكل ما تفعلونه في الصلاة مؤمنين تنالونه.‘"متى 21: 18-22.

 

لا يبحث يسوع عن جمال زائف خادع

يقول برتراند رسل معترض إنه كان على المسيح أن يترك الشجرة كمنظرٍ جمالي.  لكن المغزى من الحادثة فاته على ما يبدو.  فمع أنه صحيحٌ أن الأشجار تضفي جمال على المنطقة التي توجد فيها، إل أن القصد الأساسي منها ليس الجمال الخارجي الزائف.  بل هو الإثمار والفائدة العملية.  فالأوراق الخالية من الثمر توهم بوجود حياةٍ لا وجود لها.  فهي شجرةٌ زائفةٌ كاذبةٌ خادعة.  فبدل من أن تكون أوراقها علامة على وجود ثمرٍ، صارت ستار للعقم.  لقد أخذت الشجرة كفايتها من العناية والوقت.  واستهلكت ماء وسماد بلا طائل.  وهي تحتل مكان يمكن أن تشغله نبتةٌ أخرى على نحوٍ مفيد.  وهي تهدد بأن تبطل الأرض التي هي مزروعةٌ فيها.

 

قدرة يسوع

لقد يبست التينة في الحال امتثال لأمر يسوع المباشر.  وهذا دليلٌ على أنها تقع تحت سلطته.  فإعطاء الحياة في يده، وفي يده أيض منعها.  وما دامت الشجرة لم تستفد من الحياة المقدمة لها، فلا بد أن تنزع منها.  وقد أفهمهم السيد أن هذه الشجرة العقيمة هي صورةٌ رمزيةٌ لعائقٍ يحتاجون إلى التخلص منه، كجبلٍ يحتاج أن يطرح في البحر.  وهذا أمرٌ يتحقق لهم بالإيمان والصلاة.

 

التينة كرمز

غير أن المعنى المراد يتجاوز الشجرة بكثير.  إن شجرة التين في الكتاب المقدس رمزٌ لأمة إسرائيل.لوقا 13: 6-9.  فقد تعهد الله في ما مضى شجرة تلك الأمة.  وسقاها بكلمته المقدسة على أفواه الأنبياء وعلى فم المسيح نفسه.  لكنها لم تقبل الحياة المعروضة عليها من الله.  ولهذا كان لا بد أن يستثنى ذلك الجيل من البرنامج الإلهي.  ولهذا لم يكن غريب أن يعلن السيد المسيح في نفس الإصحاح لليهود: "إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمةٍ تعمل أثماره."متى 21: 43.  وهكذا يعود يسوع إلى الحديث عن القدرة على الإثمار، ذلك الأمر الذي عجزت عنه شجرة التين.

 

لا يجامل القادة الدينيين ذوي الوجهين

واتهم بعضهم المسيح بالفظاظة والقسوة عندما وصف قادة اليهود بأنهم جهال وعميانٌ ومراؤون، وقبورٌ مبيضةٌ ملآنةٌ عظام أمواتٍ وكل نجاسة.  ووصفهم السيد أيض بأنهم قتلة الأنبياء.  وزاد على ذلك قائل إنهم تحت دينونة الله.متى 23: 17-36.  وقال أيض إنهم أبناء إبليس الذي هو أبو كل الكذب والكذابين والقتلة.يوحنا 8: 44.

لا شك أن المسيح لم يكن يجامل في الأمور الروحية وفي مسائل الحق.  وإن كان سيلج إلى المجاملة كما يفعل المراؤون والمتملقون، فلن يعود لديه ما يقوله.  إنه موجودٌ حتى يصحي وينبه ويصدم إن لزم الأمر.  وهو لا يحتاج مثل كثيرٍ من البشر إلى أنصارٍ يكسبهم عن طريق المداهنة ليكونوا عون له في مهمته ودعوته.  يتخلى اليائسون عن مبادئهم ليربحوا المتنفذين إلى صفهم.  أما يسوع فلا يستطيع أن ينكر نفسه، لأنه الحق مجسد.

 

انتقاداته لهم لم تكن شتائم

وإنه لأمرٌ هامٌ أن نفهم هنا أن يسوع باستخدامه هذه الكلمات في وصف قادة اليهود لم يكن يشتم ويسب.  إذ لم تكن كلماته نابعة من حقدٍ شخصي أناني محكومٍ بمصالح أو اعتباراتٍ ضيقة.  حاشا!  بل كان يتكلم بصفته العارف بمعادن البشر ودوافعهم الحقيقية.  يقول عن نفسه:  "أنا هو الفاحص الكلى والقلوب."رؤيا 2: 23.   فهو لا يلج إلى الافتراض أو الاستنتاج.  بل يقول ما يعرف.  وهو صاحب الرأي الفصل والحكم الأخير بصفته "الرب الديان العادل."2 تيموثاوس 4: 8.  فرأيه غير قابلٍ للاستئناف "فهو الرأي الذي يقرر مصير المرء.  وأن يصدم المرء منه الآن ليصحو خيرٌ من أن يصدم عند وقت الحساب بعد فوات الأوان.

 

يطرحون أنفسهم كدعاة للفضيلة وناطقين باسم الله

لكن لماذا كل هذه القسوة الظاهرة على رجال الدين المرائين.  لقد أدان السيد كل الخطايا الأخرى من قتلٍ وزنى وسرقةٍ وغيرها.  فهي خطايا بشعة.  لكن مرتكبيها لا يطرحون أنفسهم في المجتمع على أنهم دعاة الفضيلة وحماتها والناطقون الرسميون باسم الله.  إنهم أشخاصٌ يدينون أنفسهم لأنهم يعرفون أنهم ليسوا في واقع الأمر كما يظهرون للناس.  ويعرفون أن ما يبطنونه بشعٌ وجديرٌ بالإخفاء.  وهم يعرفون حاجتهم إلى التوبة.  وإذا عرفوا عن محبة الله لهم كبشرٍ، فربما يتوبون.

 

محب للخطاة والعشارين

ومن هنا جاءت معاشرة المسيح للخطاة، تلك المعاشرة التي تسببت في مزيدٍ من الاتهامات له.  سأل الكتبة والفريسيون تلاميذ المسيح عنه مستنكرين:  "ما باله يأكل مع العشارين والخطاة؟"  فلما سمع يسوع قال لهم: "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيبٍ بل المرضى.  لم آت لأدعو أبرار بل خطاة إلى التوبة."مرقس 2: 17-18. فهذه تهمةٌ لم ينكرها السيد، لكنه شرحها.  فهو لا يذهب إلى الخطاة لكي يشترك معهم في خطاياهم، بل لكي يخرجهم منها.  وقيل عن يسوع إنه "محب للعشارين والخطاة".متى 11: 19.  ونشكر الله على أن هذه تهمةٌ ثبتت عليه!  فكل البشر خطاة يحتاجون إلى محبته وخلاصه.  ولهذا تحولت هذه التهمة المرحب بها إلى أحلى بشارة.

 

الخروج على التقاليد

واتهم يسوع وتلاميذه بأنهم خرجوا على تقاليد وأعرافٍ موروثةٍ عن الآباء.  تقول كلمة الله، "حينئذٍ جاء إلى يسوع كتبةٌ وفريسيون الذين من أورشليم قائلين: ’لماذا يتعدى تلاميذك تقليد الشيوخ، فإنهم لا يغسلون أيديهم حين يأكلون الخبز؟‘"متى 15: 1-2.  وفي هذا اتهامٌ ليسوع بالتقصير في توجيه تلاميذه.  لكن من قال إن التقاليد مقدسةٌ؟  قد يكون بعضها حسن ومفيد، لكن من المؤكد أن عدم التقيد بها ليس خطية.  فهي ليست من عند الله.  ولا تأثير لها في حياة المرء الروحية.  أجاب يسوع: "ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان."متى 15: 11.  لم يكن السيد ضد مبد النظافة وغسل اليدين قبل تناول الطعام.  لكنه رفض أن يكون لهذا الأمر علاقةٌ بطهارة الإنسان أمام الله.  وشرح ذلك لتلاميذه قائل: "ألا تفهمون بعد أن كل ما يدخل الفم يمضي إلى الجوف ويندفع إلى المخرج؟ وأما ما يخرج من  الفم فمن القلب يصدر، وذاك ينجس الإنسان.  لأن من القلب تخرج أفكارٌ شريرة: قتل، زنى، فسق، سرقة، شهادة زور، تجديف.  هذه هي التي تنجس الإنسان.  وأما الأكل بأيدٍ غير مغسولةٍ فلا ينجس الإنسان."متى 15: 17-20.

 

قدموا تقليدهم على وصايا الله

لكن أكثر ما أثار الغضب المقدس لدى السيد هو أن رجال الدين هؤلاء وضعوا مبادئ الدين جانب.  تركوا وصايا الله الهامة واستعاضوا عنها بهذه الأعراف والتقاليد.  بل قدموا تقليدهم على وصايا الله.  قال لهم المسيح: "لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم؟"متى 15: 3.

هل امتدح يسوع الوكيل الظالم؟

وفي زمنٍ لاحقٍ اتهم المسيح بأنه شجع على الغش بامتداحه شخص أساء الأمانة في مثل وكيل الظلم.  وبطبيعة الحال، فإن هذا اتهامٌ قائمٌ على سوء فهمٍ كاملٍ لما قاله المسيح ولما فعله وكيل الظلم.  يروي لنا المسيح قصة رجلٍ غنيٍ سمع بأن وكيل أعماله يسيء استخدام أمواله.  ويبدو أنه كان يطالب زبائن سيده بأن يدفعوا أكثر مما هم مدينون به له فعل، ليضع الباقي في جيبه.  قال له سيده: "أعط حساب وكالتك لأنك لا تقدر أن تكون لي وكيل بعد." لوقا 16: 2.  "فدعا كل واحدٍ من مديوني سيده، وقال للأول: "كم عليك لسيدي؟ "فقال: "مئة بث زيتٍ."  فقال له:"خذ صكك واجلس عاجل واكتب خمسين."  ثم قال لآخر:"وأنت كم عليك؟"  فقال له: ’مئة كر قمحٍ.‘ فقال له: خذ صكك واكتب ثمانين."لوقا 16: 6-8  إن ما فعله الوكيل هنا هو أنه أعاد الحق إلى نصابه.  إذ سبق أن فرض على هذين الزبونين أن يقرا كتابة بأنهما مدينان بكميةٍ زائدةٍ لكي يأخذ الفرق لنفسه.  أما الآن، وقد أعاد الصكين القديمين إلى صاحبيهما لكي يكتبا صك جديد يتضمن أرقام صحيحة، فإنهما يستطيعان الثقة به.  ولو أنه مارس الغش لصالحهما، فربما لن يثقا به أبد ولن يتعاملا معه بعد أن يطرده سيده.  وهكذا نجح هذا الرجل في إصلاح علاقته مع الآخرين ليكون له مستقبلٌ معهم.  ولم يكن أمامه خيارٌ آخر.  وبالمقابل، يحثنا المسيح على إصلاح علاقتنا مع الله على مستوى آخر ليكون لنا مستقبلٌ معه.  ويقول النص إن الرجل الغني مدح وكيله "إذ بحكمةٍ فعل."  وحث المسيح المؤمنين على إصلاح أمورهم مع الناس، وأل يخسروا علاقتهم بهم بسبب خلافٍ على مال.  فلنعطهم حقهم وأكثر قليل إن أمكن حتى يكون لنا تأثيرٌ في حياتهم.  يصف يسوع المال بأنه "مال الظلم"، بسبب ميل البشر عموم إلى الحصول على ما يزيد على حقهم منه، حتى ولو أدى ذلك إلى ظلم الآخرين.  ولهذا يتوجب على المؤمنين أن يحسنوا استخدامه بعدلٍ وكرمٍ، لعل ذلك يقود الذين يتعاملون معهم إلى الحياة الأبدية.  يقول يسوع: "اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم، حتى إذا فنيتم يقبلونكم في المظال الأبدية." لوقا 16: 9   ولو أنهم حصلوا على المال بطريقٍ متسمةٍ بالظلم أو أنفقوه على وجهٍ مشكوكٍ في نزاهته, لما أدى ذلك إلى كسب أصدقاء لهم في الحياة الأخرى.

 

التعدي على السبت

واتهم يسوع بأنه كسر السبت، أي أنه لم يراع تقاليد اليهود المتعارف عليها بعدم القيام بأي عملٍ في ذلك اليوم.  وعلى الرغم من هذا كان اليهود يقومون بأعمالٍ ضروريةٍ في ذلك اليوم.  وقد اعترضوا لأن يسوع كان يشفى مرضى كثيرين يوم السبت.  لكن القضية الحقيقية لا تكمن في أن يفعل أو لا يفعل المرء شيئ يوم السبت.  إذ لا بد له أن يفعل شيئ ما.  فالقضية هي: ما الذي سيفعله المرء؟  ولهذا سألهم السيد قائل: هل يحل في السبت فعل الخير أو فعل الشر؟  تخليص نفسٍ أو قتل؟"مرقس 3: 4  وقال: "السبت إنما جعل من أجل الإنسان، لا الإنسان لأجل السبت"مرقس 2: 27.  إذ تكتمل راحة الإنسان بتحريره وشفائه، لكي يعبد الله بحرية.  ووصف المسيح نفسه قائل: "إن ابن الإنسان هو رب السبت أيض."لوقا 6: 5.  وهذا يعني أنه هو واضع شريعة السبت.  ولهذا يحق له أن يستخدم السبت من أجل مجد الله.  أما بالنسبة للمؤمن بالمسيح, فإن المسيح نفسه هو سبته, أي راحته.  والمسيح هو المبد الوحيد الذي تقوم عليه حياته.  وبهذا المعنى تصبح كل أيام الأسبوع لديه سبت مقدسا يرتاح فيه في الله. وهكذا تسقط كل الاتهامات.  ويسأل يسوع اليهود بتحد واثق: "من منكم يبكتني على خطية؟"يوحنا 8: 46.

 

عرف بيلاطس أن اتهامات اليهود ليسوع باطلة

ويأتي بيلاطس البنطي ليحقق في اتهامات اليهود للمسيح. فكانت خلاصة تحقيقه هي:"ها أنا قد فحصت قدامكم ولم أجد في هذا الإنسان علة مما تشتكون به عليه."لوقا 23: 14 فالمشتكون هم الملومون.

 

أسئلة الفصل السابع والعشرين

لماذا لم يبق يسوع على شجرة التين العقيمة؟

اتهم يسوع بأنه "محب للعشارين والخطاة." ما رأيك بهذه التهمة؟

لماذا كانت انتقادات يسوع لرجال الدين اليهود أشد قسوة من انتقاداته للخطاة الآخرين؟

ماذا تفهم من قول المسيح عن نفسه "إن ابن الإنسان هو رب السبت أيض"؟

 


www.agape-jordan.com - 2005