الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

المسيح كابن الله (1)

الفصل التاسع والعشرون

                                         

  سنتناول في هذا الفصل أهمية كون المسيح ابن الله, وسنورد بعض الشهادات على ذلك.

 

سوء فهم

لعله لم تتعرض عقيدة من عقائد الكتاب المقدس للهجوم والتشويه وسوء الفهم كما تعرضت عقيدة بنوة المسيح لله. وإن أفضل تعبير يشرح هذه البنوة ويوضح هوية المسيح هو القول إن المسيح هو الله الابن.  لكن لا بد لنا أن نتطرق أولاً إلى إشارات عابرة في سياقات أخرى إلى تعبير أو مفهوم "ابن الله" أو "ابن لله" في غير انطباقه على السيد المسيح.

 

الملائكة كأبناء لله

استخدم تعبير "ابن الله" أو "ابن لله" في العهدين القديم والجديد للإشارة إلى مجموعة متنوعة من الأشخاص لأسباب متنوعة.  إذ يشار إلى الملائكة ككل بصفتهم أبناء لله.  يقول الوحي عنهم: "جاء بنو الله ليمثلوا أمام الرب." أيوب 2: 1.  ولعل السبب في إطلاق هذه الإشارة العابرة عليهم هو أنهم أول مخلوقات الله، بالإضافة إلى أنهم كائنات روحيةًعبرانيين 1: 14. مخلوقة على مثال الله من حيث إنه روح.  لكن هذا التعبير لا يستخدم في أي موضع كلقب شخصي أو اسم شخصي لأي واحد منهم.  ومن الجدير بالذكر أنه ما من ملاك يقبل بأن يسجد له ويعبد.  فحين أراد يوحنا أن يسجد أمام رجلي الملاك الذي كان يكلمه قال له: "انظر لا تفعل!  لأني عبد معك ومع إخوتك الأنبياء، والذين يحفظون أقوال هذا الكتاب.  اسجد لله!"رؤيا 22: 9  وينفي الوحي صراحةً أن يكون الله قد خاطب أياً من الملائكة بلقب ابني.  " لأنه لمن من الملائكة قال قط "أنت ابني.  أنا اليوم ولدتك."عبرانيين 1: 5

 

آدم كابن لله

وبنفس الطريقة يشار إلى الإنسان الأول، آدم، بصفته ابناً لله، لوقا 3: 38. كما هو الحال في الإنجيل حسب لوقا.  فهو أول بشر خلقه الله.  ولم يكن له لا أم ولا أب ولا نسب سابق.  ولهذا رأى الوحي ضرورة نسبته إلى الله، مصدره المباشر كخالق له.  ولعل في هذه التسمية أيضاً إشارةً إلى رغبة الله في تبنيه للبشر من خلال المسيح.  ومن الجدير بالذكر أن آدم لم يخاطب يوماً بصفته "ابن الله".

 

شعب الله قديماً

وأطلق الله على الأمة اليهودية في بداية تشكيلها في ما مضى لقب "ابني البكر"خروج 4: 22..  فدلت الإشارة في هذا السياق على أنهم أول شعب يؤمن بالله, وعلى اختيار الله في نعمته لهذه الجماعة لتكون موضوع محبته واهتمامه.  وتضمنت الإشارة أيضاً مسؤولية هذه الأمة في حمل رسالة الله وبركته إلى العالم أجمع.  لكن كان على تلك الأمة أن تقبل مسؤوليات ذلك المركز إن أرادت التمتع بامتيازاته.  وبغير ذلك، فإنها ستتعرض لغضب الله وتأديبه.  ومن الجدير بالذكر أن أحداً من بني إسرائيل لم يخاطب بلقب ابن الله بأية صورة من الصور.

 

بوة عامة للبشر

ويتحدث العهد القديم عن كون الله أباً بصورة عامة لكل البشر بصفته خالقهم.  تقول كلمة الله: "أليس أب واحد لكلنا؟  أليس إله واحد خلقنا".ملاخي 2: 10.  فلا يوجد في هذا السياق أي تميز لمخلوق على آخر.

 

سليمان كابن لله

ويدعى سليمان أيضاً ابناً لله، حيث يقول: "أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً."2 صموئيل 7: 14.  وسيقوم الله في سياق هذا التصريح بدعمه ورعايته, وسيعمد أيضاً إلى تأديبه إذا عوج طرقه.  لكنه يعد بأن لا ينزع رحمته منه وبأن يبقيه على عرش ابنه داود.  وهو ابنه بمعنى أنه اختاره ومسحه ملكاً.  إذ كان يعتبر أن الملك يستمد سلطته مباشرةً من الله.  ويتيح هذا لله أن يستخدم الملك كما يشاء. فهو يسمي حتى الملك الوثني كورش الراعي الذي اختاره الله إشعياء 44: 27.  ومسحه إشعياء 45: 1. لكي يؤدب بواسطته أمماً وممالك.

 

المؤمنون بالمسيح أبناء لله

وفي العهد الجديد يدعى المؤمنون بالمسيح أولاد الله.  تقول كلمة الله عن المسيح: "إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله.  وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه." يوحنا 1: 12.  وبطبيعة الحال فإن هذا لا يحولهم إلى آلهة أو إلى بشر خارقين للطبيعة، أو أكثر استحقاقاً من غيرهم.  لكن هذا يشير إلى أن الله تبناهم بفضل خلقه إياهم خلقاً جديداً بالروح القدس عندما آمنوا بالمسيح مخلصاً ورباً.  يقول الوحي: "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة."2 كورنثوس 5: 17.  وبموجب هذا الخلق الجديد يأتي الروح القدس، روح التبني, ليسكن المؤمن.  تقول كلمة الله مخاطبةً المؤمنين: "أخذتم روح التبني الذي به نصرخ: ’يا با الآب‘".رومية 8: 15.  ومن الجدير بالذكر أن تبني الله للمؤمنين يأتي من خلال بنوة المسيح الأصيلة لله وترتكز عليها. "لأن المقدس والمقدسين جميعهم من واحد.  فلهذا لا يستحي أن يدعوهم إخوة."عبرانيين 2: 11 ولم يجعل هذا أحداً من المؤمنين أو التلاميذ الأوائل يطالب أو يقبل بأن يعامل معاملةً خاصة.  فقد رفض بطرس أن ينحني كرنيليوس أمامه.أعمال 10: 25

 

الهدف من إنجيل يوحنا والمعجزات هو إثبات لاهوت المسيح

ويختلف الحال تماماً حين يتعلق الأمر بيسوع.  فكون المسيح ابن الله أمر على درجة قصوى من الدلالة والأهمية حتى إن الوحي خصص إنجيلاً كاملاً لإثبات هذا الأمر.  يقول يوحنا تلميذ المسيح ورسوله مبيناً الغرض الأساسي لكتابته الإنجيل المسمى باسمه بالروح القدس: "وآيات خر كثيرةً صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب.  وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه."يوحنا 20: 30-31.  ويعني هذا أن السيد أجرى معجزاته بصفته الإلهية كابن الله، لا بصفته الإنسان الكامل الذي يسترد ما فقده آدم، كما زعم بعضهم.  ومن الجدير بالذكر في هذا المجال أن آدم لم يصنع معجزةً واحدة.  وإن القول إنه صنع معجزات غير مذكورة في الكتاب المقدس ما هو إل من قبيل التخمين والافتراض غبر المبررين.  لقد عاش آدم قبلً سقوطه في بيئة كاملة لم يكن يحتاج فيها إلى اللجوء إلى المعجزات.  أما يسوع فكان يتوقع أن تشير معجزاته إلى لاهوته.  فقد قال لليهود مشيراً إلى معجزاته: "فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال، لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه."يوحنا 10: 38.

 

لا حياة أبدية دون الإيمان ببنوة المسيح الأصيلة لله

أما الأمر الثاني الذي يوضحه النص فهو أن الرسول يوحنا يتوقع ممن يقر إنجيله أن يؤمن أن يسوع هو المسيح ابن الله فعلاً.  وأما الأمر الثالث فهو أن الإيمان بأن يسوع هو المسيح ابن الله هو الذي يضمن الحياة الأبدية للمرء.  وفي هذا السياق قال المسيح لليهود: "إن لم تؤمنوا أني أنا هو تموتون في خطاياكم."يوحنا 8: 24.  وهكذا يعتمد غفران الخطايا على الإيمان بالمسيح بصفته ابن الله.  فقيمة الكفارة التي قدمها السيد على الصليب مرتبطةً بقيمته وهويته.  وما دام يسوع الذي بذله الله من أجل العالم ابنه الوحيد، تصبح هذه التضحية مثالاً لحب لا يقاس مقداره.  "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية."يوحنا 3: 16.

 

بنوة المسيح عنصر أساسي في الكرازة

ولقد أدرك رسل المسيح أهمية بنوة المسيح لله.  فجعلوا منها موضوعاً رئيسياً لكتاباتهم وكرازاتهم.  فكان هذا أول ما تحدث عنه شاول الطرسوسي، مضطهد الكنيسة، بعد أن آمن.  تقول كلمة الله عنه: "وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح أن هذا (أي يسوع) هو ابن الله." أعمال 9: 20.

 

الكنيسة قائمة على أساس بنوة المسيح الأصيلة لله

وتقوم الكنيسة، أي جماعة المؤمنين الحقيقيين بالمسيح، من أول شخص آمن حتى آخر شخص سيؤمن، على حقيقة أن المسيح هو ابن الله.  فعندما اعترف بطرس تلميذ المسيح قائلاً له: "أنت هو المسيح ابن الله الحي"،متى 16:16. اعتبر المسيح هذا الاعتراف الأساس الصخري الذي سيبني عليه كنيسته.  قال لبطرس: "على هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها." متى 16: 18.   وكان واضحاً أن تصريح بطرس لم يكن استنتاجاً توصل إليه بذكائه الخاص.  بل كان إعلاناً سماوياً من الله الآب نفسه.  "قال يسوع لبطرس، "إن لحماً ودماً (أي بشراً) لم يعلن لك، لكن أبي الذي في السماوات."متى 21: 17  ويتمثل فضل بطرس في جعل نفسه ذا حس مرهف لكل ما تريد السماء أن تقوله عن يسوع.  وهذه هي مسؤولية كل بشر.  ففي نهاية المطاف يحتاج كل منا أن يتجاوب مع روح الله حين يحاول حفر هذه الحقيقة في قلبه.  تقول كلمة الله: "وليس أحد يقدر أن يقول "يسوع رب" إل بالروح القدس."1 كورنثوس 12: 3.

 

تعليم إلهي غير بشري

إن ما يجب التوكيد عليه هنا هو أن عقيدة بنوة المسيح لله ليست من صياغة بشر أو اجتهاد إنسان.  بل هي تعليم مباشر من كلمة الله.  ولهذا وجب التمسك بها كإعلان إلهي ثمين يهدف إلى إظهار الغنى الذي لا يستقصى في المسيح.  ولهذا لا يجب أن تثنينا صعوبة استيعاب هذا السر الروحي العميق عن قبوله.  بل يجب أن تغرينا بمزيد من الاقتراب إلى السيد لمعرفته أكثر فأكثر.  وسنجد في معرفتنا المتزايدة الشخصية له كل الموارد التي تثري حياتنا وتعيننا على التقوى.  يقول الوحي، "كما أن قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى، بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة." 2 بطرس 1: 3.   وفضلاً عن ذلك، فإن تعمقنا المخلص في فهم هذا الموضوع هو الذي سيحمينا من كل ضلال.

 

بنوة المسيح تضعنا أمام مسؤوليات خاصة

ويتميز الإيمان الكتابي في أن نبيه هو ابن الله نفسه.  ولهذا ينطوي الاستماع إليه على مسؤولية أكبر في الاستجابة للرسالة التي يقدمها.  "لأنه إن كانت الكلمة التي تكلم بها ملائكة قد صارت ثابتةً, وكل تعد ومعصية نال مجازاةً عادلةً, فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره؟  قد ابتدأ الرب بالتكلم به."عبرانيين 2:2-3.  وفضلاً عن ذلك، ستبدو أية تضحية يتطلبها الإيمان بهذا الإله العظيم الذي ضحى بابنه من أجلنا، رخيصةً مهما غلت.

 

شهادة الله الآب

يقدم لنا الكتاب المقدس شهادات كثيرةً على بنوة المسيح لله.  فهنالك شهادة الله الآب نفسه.  فقد جاء صوته من السماء عندما عمد يوحنا المعمدان يسوع في نهر الأردن.  قال صوت الآب: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت."متى 3: 17. وقد أكد يوحنا المعمدان نفسه هذا الأمر.  قال يوحنا: "وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله."يوحنا 1: 34.  وكرر الله الآب نفس كلامه عند تجلي يسوع.  قال: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت."  ثم أضاف قائلاً: "له اسمعوا." 

 

شهادة المسيح لنفسه

وشهد المسيح لنفسه أيضاً أنه ابن الله.  فمثلاً سأل السيد رجلاً أعمى كان قد شفاه:  "أتؤمن بابن الله؟"  أجاب ذاك وقال: "من هو يا سيد لأومن به؟" فقال له يسوع: "قد رأيته، والذي يتكلم معك هو هو."  وسأل يسوع اليهود قائلاً: "فالذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم، أتقولون له: إنك تجدف، لأني قلت: إني ابن الله."

 

شهادة نثنائيل

وشهد أحد الذين آمنوا به وصار تلميذاً له بهذه الحقيقة.  فقد قال نثنائيل للسيد: "يا معلم، أنت ابن الله!  أنت ملك إسرائيل!"  وقد شهدت الشياطين له.  فقد صرخ روح نجس كان يسكن رجلاً يقيم بين القبور: "ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي؟  أستحلفك بالله أن لا تعذبني!

 

قائد المئة

واعترف قائد المئة الذي شهد صلب يسوع وموته قائلاً: "حقاً كان هذا الإنسان ابن الله!

 

شهادة مرثا

واعترفت به مرثا أخت لعازر الذي أقامه السيد من بين الأموات قائلةً: "أنا آمنت أنك أنت المسيح ابن الله، الآتي إلى العالم." وإنه اعتراف جميل مبني على حقائق ثابتة.  وهو يضمن للمؤمن حياةً أبدية.

 

أسئلة الفصل التاسع والعشرين

على أي أساس دعا الوحي كلاً من التالية أبناء الله: آدم، سليمان، الملائكة؟

على أي أساس يدعو الوحي المؤمنين بالمسيح "أبناء الله"؟

ما هو الفرق بين بنوة المؤمنين لله، وبنوة المسيح له؟

ما هو المبدأ أو الأساس الصخري الذي تقوم عليه الكنيسة؟

اذكر آية على لسان الله الآب يصرح فيها أن المسيح هو ابنه؟

 


www.agape-jordan.com - 2005