الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

دور المسيح في الخلق

الجزء الثاني
 

نتابع في هذا الفصل تأملاتنا في دور المسيح في عملية الخلق كما تصوره كلمة الله في الكتاب المقدس.

 

حق الله في السيادة مرتكز على كونه الخالق

كان أمراً لا مفر منه أن نتحدث عن دور المسيح كخالق.  فبغير هذا الدور لا يكون إلهاً.  وبغير فهمنا لهذا الدور لا يمكننا أن ننظر إليه, أي إلى المسيح, نظرةً صحيحة.  فكما يقول داود بالروح في المزامير، "اعلموا أن الرب هو الله، هو صنعنا.  وله نحن شعبه وغنم مرعاه." مزمور 7:95  وهذا يعني أن الرب هو الإله الحقيقي.  وهو يأخذ حقه في السيادة علينا من كونه خالقنا.  وفي هذا دافع كاف لنا لأن نكون من شعبه ونتمتع برعايته لنا.

 

المسيح حافظ للكون

سبق أن بينا في الحلقات السابقة أن المسيح الأزلي مارس دوره في خلق العالم.  لكن دوره في هذه الناحية لم يقتصر على النشاط الإبداعي.  إذ لم يترك المسيح الأزلي العالم وشأنه بعد أن خلقه.  إذ لا يستطيع العالم أن يسير نفسه بنفسه أو يحافظ على تماسكه.  فالكون غير عاقل, وهو عاجز عن تحقيق مقاصد الله له وحده.  ليس في إمكان الكون أن يصمم ذاته أو أن يستمر في تناسقه.  ومن هنا تبرز الحاجة إلى قوة حافظة.  وهذا هو دور المسيح.  تقول كلمة الله عنه، "فيه يقوم الكل."كولوسي 17:1  ليست الجاذبية العمياء هي ما يحافظ على تماسك الكون ويبقي على مسار الأجرام.  وقوى الطبيعة لا تعمل باستقلال. الذرات لا تتجاذب بالصدفة.  والإنسان لا يحيا بشكل آلي. فنبضات قلبه وأنفاسه وكل أجهزته مسنودة من الله الذي "به نحيا ونتحرك ونوجد" حسب قول بولس رسول المسيح.  وليس أمراً مسراً أن نتخيل ما يمكن أن يحدث لو رفع هذا الإله يده الحافظة عن الكون لحظةً واحدة.  إذ سيختل كل شيء، ويتوقف كل شيء.  لكننا نستطيع أن نطمئن، بسبب وجود ابن الله الذي يصفه كاتب الرسالة إلى العبرانيين بوحي الله بأنه "حامل كل الأشياء بكلمة قدرته."عبرانيين  3:1

 

الله أعظم من خليقته

مهما كان الكون رائعاً وعظيماً ومجيداً، فإنه ليس شيئاً بالمقارنة مع عظمة خالقه ومجده وقدرته وحكمته.

 

شهادة سليمان عن دور المسيح في الخلق

يقول سليمان إن "الرب بالحكمة أسس الأرض، ثبت السماوات بالفهم."مثال 5:3  لم يخلق الرب الكون بشكل عشوائي.  سنتحدث الآن عن المسيح بصفته حكمة الله ودوره في الخلق.  يحدثنا الإصحاح الثامن من سفر الأمثال عن الحكمة بشكل تشخيصي. لنستمع إلى ما يقوله سليمان بوحي الله عن الحكمة: "الرب قناني أول طريقه، من قبل أعماله، منذ القدم.  منذ الأزل مسحت، منذ البدء، منذ أوائل الأرض.  إذ لم يكن غمر بدئت.  إذ لم تكن ينابيع كثيرة المياه.  من قبل أن تقررت الجبال، قبل التلال بدئت.  إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد ولا البراري ولا أول عفار المسكونة.   لما ثبت السماوات كنت هناك أنا. لما رسم دائرةً على وجه الغمر.  لما ثبت السحب من فوق,  لما تشددت ينابيع الغمر,  لما وضع للبحر حده فلا تتعدى المياه ثخمه، لما رسم أسس الأرض، كنت عنده صانعاً، وكنت كل يوم لذته، فرحةً دائمةً قدامه, فرحةً في مسكونة أرضه، ولذاتي مع بني آدم."مثال 8: 22-31

 

حكمة الله في علاقة وثيقة مع الله الآب منذ الأزل

إن المتحدث هنا هو حكمة الله.  وتجمع الغالبية العظمى من علماء الكتاب المقدس على  أن المقصود هنا هو المسيح الأزلي.  تتحدث الحكمة عن دورها في الخليقة، وتطرح الحكمة عدة حقائق، أولاً، قنى الرب الحكمة أو امتلكها منذ الأزل أو "من أول طريقه".  وإن من الصعب أن نتصور الله دون حكمة.  فالحكمة والله متلازمان.  وتفيد كلمة "قنى" معنى الاحتفاظ بشيء ثمين، كما يحفظ الفهيم فهماً وتحفظ الشفتان معرفة.  وهي تدل أيضاً على القرب والصلة الوثيقة.  وفي اللغة الوجارتية القريبة من اللغة العبرية عنت كلمة "قنى" الولادة.  وولادة الله للحكمة ليست حدثاً محصوراً في مكان أو زمان.  بل هي واقع حي نشط دائم من الأزل إلى الأبد.  والحكمة هنا،  كما هو الحال في كل سفر الأمثال، غير منفصلة عن الله.  وهي معه في صلة وثيقة حميمة منذ الأزل.

 

وظف الله الحكمة في الخلق

ثانياً، يقول الوحي الإلهي إن الحكمة كانت موجودةً مع الله "من قبل أعماله"، أي قبل أية عملية خلق.  وهذا دليل على أن الحكمة المقصودة غير مخلوقة.  ثالثاً، مسح الله الحكمة منذ الأزل، أي أنه خصصها له من أجل القيام بمهمة معينة.  وهذه المهمة وفق هذا السياق هي الخلق.  رابعاً، أطلق الله الحكمة لتعمل عملها في الخلق.  وهذا هو المقصود بتعبير "بدئت".  فوظف الله حكمته في خلق الأرض بجبالها وبحارها، وفي خلق السماوات وما فيها من سحب.  خامساً، كانت الحكمة ذات وجود مستقل عند الله تقوم معه بدور ماهر خلق.  وهذا هو المقصود بالجملة "كنت عنده صانعاً."  سادساً، كان الله يجد لذته الدائمة في علاقته مع هذه الحكمة التي كانت "قدامه".  تشير هذه الكلمات إلى علاقة محبة مشبعة بين الله الآب وبين الحكمة، أي المسيح الأزلي.  سابعاً، تريد الحكمة أن تجد لذتها أيضاً في علاقة مع بشر يقبلونها.  ومن هنا فهي تقول، "لذاتي مع بني آدم."

 

انسجام شهادتي العهدين القديم والحديث

وهكذا يقدم الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد شهادةً متكاملةً على المسيح الأزلي الخالق.  والشهادات في هذا الشأن كثيرة يؤيد بعضها بعضاً.  وكان من المحتم أن تتفق شهادتا العهدين القديم والجديد.  فكلاهم كلمة الله وإعلانه.  يكمل العهد الجديد ما كان جزئياً في إعلان العهد القديم.  ويفسر العهد الجديد القديم رافعاً عنه قناع الرمز حيث يوجد ولا خيار لنا إل أن نصدق إعلان الله المنسجم عن نفسه.

 

المسيح يخلق عينين جديدتين لرجل أعمى

تكشف إحدى معجزات السيد المسيح شيئاً عن دوره كخالق.  ففي الإصحاح التاسع من الإنجيل حسب يوحنا يعيد يسوع المسيح البصر إلى شخص ولد أعمى.  غير أن الطريقة التي اتبعها في ذلك ذات مغزى.  فقد تفل على الأرض وصنع طيناً طلى به عيني الرجل الأعمى.  فكان ذلك بمثابة إعادة خلق لعيني الرجل.  ويذكرنا هذا المشهد بقول الكتاب المقدس في سفر التكوين حول خلق آدم.  "وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض."تكوين 7:2  وإنه لأمر مثير للاهتمام أن نرى رد فعل هذا الرجل الأعمى عندما عرف هوية شافيه.  قال له يسوع: "أتؤمن بابن الله؟"  أجاب ذاك وقال: "من هو يا سيد لأؤمن به؟"  فقال له يسوع، "قد رأيته، والذي يتكلم معك هو هو!"  فقال: "أؤمن يا سيد!" وسجد له."يوحنا 9: 35-38

 

خالق الطبيعة يتسلط عليها

وفي معجزة خرى، أظهر يسوع سلطةً أصيلةً على الطبيعة المخلوقة.  كان على ظهر سفينة مع تلاميذه في وسط البحر.  وبينما كان نائماً "حدت نوء ريح عظيم، فكانت الأمواج تضرب إلى السفينة حتى صارت تمتلئ."  فأيقظه تلاميذه."  فقام وانتهر الريح، وقال للبحر: اسكت! ابكم!"  فسكنت الريح وصار هدوء عظيم."  إن من الملاحظ هنا تجاوب الطبيعة الفوري معه.  فهي تعرفه بصفته خالقها.  فكان رد فعل التلاميذ مفهوماً.  يقول، "فخافوا خوفاً عظيماً، وقالوا بعضهم لبعض: من هو هذا؟ فإن الريح أيضاً والبحر يطيعانه!"متى 8: 23-27  فهل نحن البشر أقل قدرةً من الطبيعة على تمييز خالقنا والتجاوب معه بطاعته؟

 

المسيح يخلق الناس من جديد

إن الله الذي خلقنا يوماً راغب في أن يخلقنا خلقاً روحياً جديداً.  وهو قادر على ذلك.  وهذا الخلق الجديد ضرورة لا غنىً عنها لمن يريد أن يكون ابناً لله مقبولاً منه.  وهو خلق في المسيح.  يقول: "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة أخرى."  ومفتاح هذا الخلق الجديد هو الإيمان به وقبوله مخلصاً ورباً. فعندئذ يأتي روح المسيح، الروح القدس، روح الله لكي يعطيه حياةً من عند الله.  فهل نطلب إلى الله أن يخلقنا من جديد في المسيح؟

 

أسئلة الفصل الخامس

ماذا يقصد الوحي عندما يقول عن المسيح، "فيه يقوم الكل"؟

ماذا تقصد الحكمة بالقول، "الرب قناني أول طريقه، قبل أعماله"؟

كيف يستطيع المسيح أن يخلقك خلقاً روحياً من جديد؟

كيف تبين طريقة شفاء المسيح للشخص المولود أعمى انه الله؟

 


www.agape-jordan.com - 2005