الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

المسيح كابن الله (5)

الفصل الثالث والثلاثون

                                         

نواصل في هذا الفصل تأملاتنا في بنوة المسيح الأزلية.

 

الروح القدس يمجد يسوع

لا شك أن روح الله القدوس يرغب في أن يمجد يسوع.  قال المسيح عنه: "ذاك يمجدني." (يوحنا 16: 14) وهو يمجد يسوع بإظهاره لاهوته.  وبنفس الطريقة يريد الآب السماوي أن يمجد يسوع بأن يظهر بنوته الأزلية.  قال يسوع: "والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم." (يوحنا 17: 5) ومن المؤكد أن كل مجد يأخذه الابن الأزلي يعود على الآب الأزلي بالمجد أيضاً.  قال يسوع للآب: "مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضاً." (يوحنا 17: 1)

 

الآب هو اسم الله الأزلي

ويجدر بنا أن نلاحظ أنه حين يخاطب السيد الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس بصفته "الآب"، فإنه يستخدم هذا التعبير كاسم شخصي له.  "فالآب" ليس لقباً، بل هو اسم.  وفي هذا الشأن يقول يسوع: "أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم." (يوحنا 17: 6) فهذا هو اسمه قبل كون العالم.  وهذه هي طبيعة علاقته بالمسيح قبل كل خليقة.  ولهذا كان "الابن" هو اسم الأقنوم الثاني قبل التجسد.  لم يظهر اسم الآب والابن بعد التجسد فقط، بل ظهر قبل التجسد أيضاً.  ولهذا فإن بوة الآب وبنوة الابن أزليتان.

 

الابن يظهر طبيعة الله

وليس من قبيل الصدفة أن يصر الوحي على تقديم الله بصفته "أبا ربنا يسوع المسيح." (كولوسي 1: 3) ومن هنا يأخذ تجسد المسيح قيمته.  إذ كان مجيء يسوع إلى العالم ظهوراً لله نفسه في شخص ابنه. وهذا هو ما عبر عنه الوحي بقوله: "الله ظهر في الجسد." (1تيموثاوس 3: 16) أي أن الله صار منظوراً في المسيح، وصار ملموساً في المسيح, وصار محسوساً في المسيح.  فقد جسد المسيح على نحو فعلي كينونة الله وكامل طبيعته المتضمنة في اسمه، وجسد طبيعته ومواقفه ونظراته بشكل مطلق في كل كلامه وتصرفاته.  فلم يكن في الله شيء لم يستطع المسيح أن يظهره بشكل كامل.  وهذا هو ما عناه بقوله "أنا أظهرت اسمك للناس الذين قد أعطيتني من العالم."  ولا بد أن نلاحظ هنا أنه أظهر الله كاملاً، لا لتلاميذ  معينين فحسب، في السر وبعيداً عن الأنظار.  بل أظهره ويظهره لجميع الذين آمنوا ويؤمنون به.

 

الله يتجلى في المسيح

لكن كيف يظهر المسيح الآب وهو الابن وليس الآب؟  يكمن الجواب ببساطة في أن البنوة والأبوة هما من نفس جوهر اللاهوت.  والابن هو الكلمة الأزلي.  ولا بد لنا من التوقف قليلاً عند تعبير "لوجوس" الذي يترجم إلى الكلمة أحياناً، وإلى الفكر أو العقل أحياناً أخرى.  لقد كان المسيح منذ الأزل كلمة الله.  إذ يقول الوحي: "في البدء كان الكلمة." (يوحنا 1:1) ويعني هذا أن المسيح هو إظهار حي لفكر الله أو عقل الله.  فكما يعبر الكلام عن الفكر وهو أداة فاعلة لا غنى عنها له، يعبر كلمة الله عن الله.  والمسيح هو فكر الله وتعبيره وواسطة هذا التعبير في نفس الوقت. وكما يتجلى فكر الإنسان في كلامه, كذلك يتجلى فكر الله أو عقله في كلمته المتجسد, أي المسيح.  وهذا قريب من قولنا إن الكلمات هي بنات الفكر.  وبهذا المعنى يكون المسيح ابن الله.

 

فكر الله وفكر البشر

وهنا ينبغي أن نوضح شيئاً عن بعض الفروق بين فكر الله وفكر البشر.  ليس فكر الله  خواطر تأتي وتمضي.  ففكر الله أو عقلًه ثابت ومطلق وحي.  وينسحب هذا بالضرورة على التعبير عنه.  أما أفكار الناس فقابلة للتغيير.  فهي ليست جزءاً منهم، ولا تعبر عن طبيعتهم الدائمة.  ولهذا فإنهم يعبرون عن أنفسهم بطرق مختلفة ومتناقضة أحياناً.  لكن التعبير عن فكر الله ثابت ثبات الفكر نفسه.  وفكر الله مرتبط بجوهره غير القابل للتغير.  ولهذا يقول الوحي عن المسيح: "هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد."

 

هو الكلمة منذ البدء

وإن من الضروري أن نفهم أن يسوع لم يصبح يوماً كلمة الله.  بل هكذا كان منذ الأزل.   إذ "في البدء كان الكلمة" كما تقول أول عبارة في إنجيل يوحنا.  إنه أكمل تعبير وأوفى تعبير عن الله.  وحين يصفه الوحي بأنه "صورة الله غير المنظور" (كولوسي 1: 15)، فإنه لا يتحدث عن مجرد انعكاس أو إعطاء فكرة عن لله.  فالوحي هنا يستخدم كلمة "صورة" بمعنى "جوهر".  فلم يقل يسوع مجازاً "أنا والآب واحد" (يوحنا 10: 30) من حيث الجوهر.  ولم يقل مجازاً: "الذي رآني فقد رأى الآب." (يوحنا 14: 9) وإن من الواضح أنه لا يقصد أنه والآب شخص واحد.  لكنه يقول إن الجوهر الذي يحمله هو نفس ذاك الذي يحمله الآب، ومن يعرف الابن، فإنه يعرف الآب.  وترتبط بهذا الأمر على نحو وثيق مسألة الحلول المتبادل بين الآب والابن. قال السيد:"صدقوني أني في الآب والآب في." (يوحنا 14: 11)

 

اعرف الله شخصياً في المسيح

إن الخبر المفرح لنا هو أن الله صار معروفاً ومعلناً في المسيح.  يشير الوحي إلى الآب بقوله: "الله لم يره أحد قط.  الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر" (يوحنا 1: 18)، أي أعلنه شخصياً.  ولولا ذلك لما كان في مقدور أحد أن يقول إنه يعرف الله، ولظل الله بعيداً متوارياً خلف الحجب والأسرار والمسافات.  لقد عاش المسيح نفسه محبة الله الآب لأنه كان على الدوام في حضنه وبادله حباً بحب. (يوحنا 13: 31) ولهذا فإنه متأكد, من اختباره الشخصي, أن الله محبة، وأنه يحب العالم. (يوحنا 3: 16) وهو يعرف أيضاً أن الله الآب يحب المؤمنين نفس محبته للمسيح.  يقول المسيح مخاطباً الآب: "أحببتهم كما أحببتني." (يوحنا 17: 24) إنه قادر على قياس محبة الله.  لكن ما هو رائع أيضاً هو أن المسيح أظهر تجاهنا نفس المحبة التي أظهرها الله، أبو المحبة.  وقد أظهر لنا محبته في صورة عملية فدائية.  يقول: "ليس لأحد حب أعظم من هذا: أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه." (يوحنا 15: 13)

 

محبة وقيمة مطلقتان من إله مطلق

لو لم يكن المسيح هو ابن الله الأزلي، لكانت قيمته محددة, ولكانت قيمة كفارته محددة وفق ذلك.  وسيترتب على ذلك أن موته من أجلنا لم يكن تعبيراً عن محبة مطلقة غير محدودة من الله تجاهنا.  ولن يكون الله قد ضحى بابن أصيل له، بل بابن تبناه.  وسيعني هذا أن موت المسيح من أجلنا لم يكلفه الكثير.  لكن شهادة كلمة الله هي على النقيض الكامل من هذا.

 

كيف مارس الله محبته قبل الخليقة؟

حين يقول الوحي إن "الله محبة"، فهو يتحدث عن طبيعة أزلية.   إنه يصف اختباراً عاشه الله الآب والله الابن على مدى الأزل.  ولولا ذلك، لما كان الله محبةً أصلاً.  فلو أن الله صار آباً للمسيح بعد أن لم يكن، لكانت خبرة المحبة دخيلةً عليه، ولما كانت جزءاً من طبيعته.  وعندئذ يحدث التغير، وهذا أمر مستحيل بالنسبة لله.  لكن الجميل في الأمر أن الآب أحب الابن ومحبة الابن له، وأحب الابن الآب ومحبة الآب له.  ويتحدث الوحي على لسان المسيح أو حكمة الله مبيناً التلذذ المشترك بين الآب والابن فيقول: "كنت كل يوم لذته، فرحةً دائماً قدامه." (أمثال 8:  30) وأراد الله أن يشركنا في مجد هذه المحبة.  فتبنانا من خلال الإيمان بالمسيح.  لهذا يقول الوحي: "انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله!" (يوحنا 3: 1)

 

علاقتنا هي مع الآب والابن

ولا شك أن الله يريد أن تكون لنا صلة عميقة معه ومع ابنه في نفس الوقت.  يقول يوحنا تلميذ المسيح ورسوله: "وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح." (ا يوحنا 1: 3) فلا يمكننا أن نعرف الواحد دون الآخر.  إذ يأتي الآب وابنه ليسكنا في قلوبنا.  يقول المسيح: "إن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويحبه أبي، وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً." (يوحنا 14: 23)

 

مواقف المسيح تستمد قيمتها من كونه الله

إن الذي تجسد هو ابن الآب، الكلمة الأزلي، الله الابن.  ومن هنا يأخذ كل لقاء مع المسيح في الأناجيل قيمته.  فكل موقف له هو موقف الله لا موقف نائب عنه أو ناطق باسمه فقط.  وبالتالي فإن موقف أي إنسان منه هو نفس موقفه من الله.  إن تجسد الله الابن فرصة لرؤية الله وهو يعمل داخل الزمن ويتعامل بشكل مباشر مع الناس والظروف والمواقف.  وهذا هو ما يعطي الأناجيل قيمتها.

 

المسيح هو الحياة الأبدية

إن الحياة الأبدية هي معرفتنا لله بصفته الآب، وللمسيح بصفته، الابن المرسل من الله.  يقول المسيح مخاطباً الآب: "وهذه هي الحياة الأبدية: أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته." (يوحنا 17: 3) ويقول الوحي أيضاً: "ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرةً لنعرف الحق.  ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح.  هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية." (يوحنا 5: 20)

إن الحياة الأبدية هي الابن الذي كان سراً مكتوماً.  يقول: "فإن الحياة ظهرت.  وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وظهرت لنا." (يوحنا 1:  2) والحياة الأبدية هي أيضاً في الابن الذي جعله الآب موضوع إيماننا وباب معرفته.  يقول: "وهذه هي الشهادة: أن الله أعطانا حياةً أبديةً.  وهذه الحياة هي في ابنه.  من له الابن فله الحياة.  ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة." (1يوحنا 5: 11-12) والله الابن هو الذي يعطي الحياة الأبدية لكل من يختار أن يكون من رعيته.  يقول المسيح: "خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني.  وأنا أعطيها حياةً أبدية.  ولن تهلك إلى الأبد.  ولا يخطفها أحد من يدي." (يوحنا 10: 27-28)

 

بركات الله لنا هي من خلال المسيح

لنلاحظ أن الوحي لا يقول إن الآب جعل المسيح الحياة الأبدية.  بل يقول إنه هو الحياة الأبدية.  وقد ظهرت وكشفت وعلنت هذه الحياة الأبدية.  ويكون الكشف دائماً عما هو موجود أصلاً.  والقصد من هذا هو أن يخلصنا ويباركنا بكل غناه السماوي.  وهو يريد أن يفعل هذا من خلال إدخالنا إلى دائرة بنوته.  يقول: "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح يسوع.  كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم، لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة.  إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه، حسب مسرة مشيئته." (أفسس 1: 3-5)

تأتي إلينا كل بركة من الله عن طريق المسيح وفي المسيح.  فلا يمكننا أن نقبل الله ونضع المسيح جانباً.  فاستجابتنا للمسيح هي نفس استجابتنا لله.  ولهذا فإن علينا أن نحذر في كيفية تعاملنا مع ابن الله.  فكيف ستتعامل مع السيد الذي هو موضوع محبة الله منذ الأزل؟  كيف ستتعامل مع ذاك الذي كان على الدوام موضع تمجيد من الله؟  وتذكر أن موقفك من الابن هو الذي سيحدد موقف الآب منك.  وهو لا يتسامح مع من لا يوقر ابنه.  وتذكر أيضاً أن الحياة الأبدية هي في يد الابن.

 

أسئلة الفصل الثالث والثلاثين

ماذا قصد المسيح بقوله لله الآب، "أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم"؟

ما معنى قول المسيح، "أنا والآب واحد"؟

لو لم يكن المسيح هو الابن الأزلي لله، لما كان موته تعبيراً عن محبة الله لنا. علق على هذا القول.

كيف مارس الله المحبة قبل أن يخلق العالم؟

اذكر آية تبين دون أي لبس أن المسيح هو الله؟

 


www.agape-jordan.com - 2005