الصفحة الرئيسية  | رسالة حب الآب اليك  |   الله و انت   |  تغيرت حياتهم  |  من هو يسوع ؟  |  كلمات شافية  |   فلم حياة السيد المسيح | اتصل بنا  

 

المسيح كملاك الرب (1)

الفصل السابع

 

سنتناول في هذا الفصل المسيح بصفته "ملاك الرب" أو ملاك يهوه أو ملاك الله في العهد القديم.

 

ملاك الرب شخصية تبعث على الرهبة والخشوع        

نجد على صفحات العهد القديم شخصيةً إلهيةً تشع مجداً وتتفجر قوةً وتنفث مهابة.  إنها شخصيةٌ تحمل حضور الله وسلطته ونعمته معها حيث تذهب.  كان من يطلق عليه اسم ملاك الرب يقابل أنبياء الله كإبراهيم ويعقوب وموسى.  وكان يقطع الوعود مع جماعة المؤمنين ويضمن الوعود باسمه الشخصي.  كان يعلن الله ويعلن عن الله.  كان يظهر جبروته وقوته ومحبته حين يجري معجزات لحماية جماعة المؤمنين قديماً.  وكان يظهر قدرته وعدله بتأديب هذه الجماعة أو أفراد منها عندما يتمردون عليه.  فمن هي تلك الشخصية؟

 

ملاك الرب هو المسيح       

يجْمع علماء الكتاب المقدس على أن من يدعى ملاك الرب في العهد القديم هو السيد المسيح قبل تجسده.  فقد كان يخرج من عالمه السرمدي ليدخل دائرة الزمن في أوقات يختارها لكي يفعل أشياء تحقق مقاصد الله.  وظهورات المسيح القديمة هذه في شخص ملاك الرب هي جزءٌ من التصور الكتابي لأزليته.  فهل يوجد أولاً في العهد الجديد ما يبرر الاعتقاد بأن ملاك الرب هذا هو نفسه السيد المسيح قبل تجسده؟

 

إبراهيم رأى المسيح       

تحدث السيد المسيح عن هذا الأمر عندما شرح لهم كم كان إبراهيم الذي يدعونه أباهم يتلهف على لقائه.  وأوضح أن هذا اللقاء تم بالفعل في ما مضى.  فكان هذا اللقاء أو تلك اللقاءات مصدر فرح له.  قال: "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي، فرأى وفرح." يوحنا 8: 56.  وجد اليهود في قول يسوع هذا فرصةً للسخرية لا للاستنارة.  قالوا له، "ليس لك خمسون سنةً بعد، أفرأيت إبراهيم؟"يوحنا 8: 57.  فأجابهم ذاك الذي لا يقاس له عمر:  "الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن."يوحنا 8: 58. ارجع إلى الفصل الأول لمناقشة هذا القول.

 

من الذي تحدث مع إبراهيم؟ 

يحدثنا الوحي الإلهي في العهد القديم قائلاً: "وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم.  فقال له:  ’يا إبراهيم‘!  فقال: ’خذ ابنك وحيدك الذي تحبه، إسحاق، واذهبْ إلى أرض المريا، صعدْه هناك محرقةً."تكوين 22: 1-3.  تخبرنا هذه الرواية الكتابية أن الله نفسه هو الذي تحدث إلى إبراهيم وطلب إليه أن يقدم ابنه ذبيحة له.

 

ملاك الرب يتكلم بصفته الرب 

وعندما أخذ إبراهيم ابنه إلى المكان المحدد, هم بذبحه.  وهنا "ناداه ملاك الرب من السماء وقال: ’إبراهيم! إبراهيم!‘ فقال: ’هأنذا!‘ فقال: ’لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعلْ به شيئاً.  لأني الآن علمت أنك خائفٌ الله، فلم تمسكْ ابنك وحيدك عني." تكوين 22: 11-12  نجد أن المتحدث هنا هو ملاك الرب الذي سبق أن وصف بأنه الله.  فهو يقول إن إبراهيم لم يمسك ابنه عنه.  ولا شك أن إبراهيم تهلل وفرح عندما نظر وإذا كبشٌ وراءه ممسكاً في الغابة بقرنيه." وهكذا قدم الله نفسه فداءً عن ابن إبراهيم.  وبالمناسبة, إن كان ابن إبراهيم, وهو الإنسان الصد يق قد احتاج إلى ذبيحة من الله تكفر عنه, فكم بالأحرى نحن؟

 

يقطع وعوداً لا يستطيع أن يفي بها إل الله   

وبعد ذلك يتحدث ملاك الرب هذا فيصف نفسه بأنه الرب نفسه الذي لم يمسك إبراهيم ابنه عنه.  وقال: "بذاتي أقسمت، يقول الرب, أنك من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تمسك ابنك وحيدك عني، أباركك مباركةً، وأكثر نسلك تكثيراً."تكوين 22: 16-17.

 

موسى رأى المسيح وتمسك به 

ويتحدث كاتب الرسالة إلى العبرانيين بوحي الله عن تعلق خاص من موسى بالمسيح.  يقول:  "بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يدعى ابن ابنة فرعون، مفضلاً بالأحرى أن يذل مع شعب الله على أن يكون له تمتعٌ وقتي بالخطية، حاسباً عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر، لأنه كان ينظر إلى المجازاة."عبرانيين 11: 24-26.  إن الفكرة هنا هي أن موسى فضل المسيح والانتماء إليه على كل مصر بما فيها من الثراء المادي ووسائل الإشباع الحسي.  وعلى الرغم من أن بعضهم وجد في الإيمان بالمسيح سبباً لتعيير موسى، إل أن موسى حسم موقفه.  فاختار أن يتشبث بالمسيح.  لكن السؤال لطبيعي هنا هو، متى عرف موسى المسيح ليكون له هذا الموقف تجاهه؟  فقد ولد موسى قبل حوالي ألفي سنة من المسيح.  لكن لو سئل المسيح عن ذلك, لقال, " قبْل أن يكون موسى أنا كائنٌ!"على غرار يوحنا 8: 58  

 

موسى يلتقي بملاك الرب

ننتقل الآن إلى العهد القديم حتى نرى من هو الذي قابله موسى وقال عنه الوحي الكتابي إنه المسيح.  تقول كلمة الله في العهد القديم: "وأما موسى فكان يرعى غنم يثرون حميه كاهن مديان.  فساق الغنم إلى وراء البرية وجاء إلى جبل الله حوريب.  وظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة.  فنظر وإذا العليقة تتوقد بالنار، والعليقة لم تكن تحترق.  فقال موسى، ’ميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم.  لماذا لا تحترق العليقة؟‘"خروج 3: 1-3.

 

يعلن ملاك الرب أنه الله

لنلاحظ أن الذي جذب انتباه وموسى وظهر له موصوفٌ حتى الآن بأنه ملاك الرب أو ملاك يهوه.  لنتابع الرواية.  "فلما رأى الرب أنه (أي موسى) مال لينظر، ناداه الله من وسط العليقة وقال: ’موسى، موسى!‘ فقال: ’هأنذا.‘ فقال: ’لا تقتربْ إلى ههنا،  اخلعْ حذاءك من رجليك، لأن الموضع الذي أنت واقفٌ عليه أرضٌ مقدسة.‘"خروج 3: 4-5.

 

ملاك الرب هو يهوه 

لنلاحظْ هنا أن الوحي الإلهي يشير إلى المتكلم الذي هو ملاك الرب بطريقة مختلفة.  فهو الآن الرب، وهو بالعبرية يهوه الاسم الشخصي لله.  وهو أيضاً الله الذي يطالب النبي العظيم بمراعاة قداسته وواجب عبادته.  فملاك الرب إذاً هو لقبٌ آخر للرب.  فلسنا أمام ملاك عادي.

 

يقول إنه إله الآباء  

ثم يعرف ملاك الرب أو الرب موسى بنفسه.  يقول:  "أنا إله أبيك، إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب."  فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله."  يقول ملاك الرب أو الرب هنا إنه هو إله آباء موسى.  إنه الإله الشخصي الذي ظهر لأسلافه من الأنبياء العظام الذين عبدوه.  فهل يتحدث العهد الجديد عن هوية إله هؤلاء الآباء؟

 

إله الآباء هو الذي اختار بولس رسولاً 

يخبرنا الوحي الإلهي في سفر أعمال الرسل أن الرب يسوع المسيح كلم تلميذاً اسمه حنانيا في رؤيا ليذهب إلى شاول: "اذهبْ لأن هذا لي إناءٌ مختارٌ ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبني إسرائيل.  لأني سريه كم ينبغي أن يتألم من أجل اسمي." أعمال 9: 15-16  توضح هذه الرواية أن الذي انتخب شاول لهذه المهمة هو الرب يسوع المسيح.  وعندما ذهب حنانيا إلى شاول قال له: "إله آبائنا انتخبك لتعْلم مشيئته، وتبصر البار، وتسمع صوتاً من فمه.  لأنك ستكون له شاهداً لجميع الناس بما رأيت وسمعت.  والآن لماذا تتوانى؟  قم واعتمدْ واغسلْ خطاياك داعياً باسم الرب." أعمال 22: 14  إن الذي انتخب شاول هنا هو "إله آبائنا" على حد قول الوحي على لسان حنانيا. ولقد سمع فعلاً كلاماً من فم يسوع عندما ظهر له على الطريق إلى دمشق  وهو نفس الرب يسوع المسيح الذي قال إنه انتخب شاول في الفقرة السابقة.  ويقول بولس نفسه في مواضع كثيرة, كما في أول آية من رسالته إلى مؤمني كنيسة كولوسي إنه رسول المسيح؛ والرسول لا يكون إل رسول الله, وهذا يقول الكثير عن المسيح.   وهكذا فإن الذي ظهر في شخص ملاك العهد ليختار موسى، يأتي ويختار شاول ليصير بولس في العهد الجديد.

 

المؤمنون شعبه وهو إلههم

ونعود الآن إلى المواجهة بين ملاك الرب وموسى.  خاف موسى أن ينظر إلى الله كما تقول الرواية.  ولا شك أنه اعتقد أن رؤية الله ستعني له الموت.  قال الرب: "إني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر."خروج 3: 7.  ويضيف قائلاً، "فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين وصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدة وواسعة، إلى أرض تفيض لبناً وعسلاً."  يشير ملاك الرب المتكلم هنا إلى أن شعب الله هو شعبه شخصياً، أي أنه هو إلههم.  وفضلاً عن هذا فإنه هو الذي سينقذهم.  وهو بسلطته وقدرته ومعرفته يقطع لهم وعداً بأن ينقلهم إلى أرض جديدة.  وهي وعودٌ لا يجرؤ على قطعها من هو أقل من الله نفسه, كما يقول النص صراحةً.

 

موسى يسأل عن اسم الله 

طلب الله إلى موسى أن ينقل رسالته هذه إلى بني إسرائيل.  لكن موسى أراد أن يكون واضحاً ومحدداً في حديثه مع بني إسرائيل.  أراد أن يعرف اسم هذا الإله الذي يكلمه ويرسله.  قال لملاك الرب: "ها أنا آتي إلى بني إسرائيل وأقول لهم: إله آبائكم أرسلني إليكم.  فإذا قالوا لي: ما اسمه؟  فماذا أقول لهم؟"خروج 3: 13.

 لم يردْ موسى أوصافاً لله تصوره من حيث علاقته ببشر أو بشيء.  أراد اسماً شخصياً يعكس طبيعته وجوهره.  "فقال الله لموسى: ’هْيه الذي هْيه.‘ وقال هكذا تقول لبني إسرائيل: هْيه أرسلني إليكم.‘  وقال الله أيضاً لموسى: ’وهذا تقول لبني إسرائيل: يهوه إله آبائكم، إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلني إليكم.‘"خروج 3: 14-15.

 

معنى أهيه الذي أهيه 

يدل هذا الاسم العبري الأصل على وجود أزلي أبدي.  ويشير إلى وجود ذاتي.  وهو يعكس طبيعةً غير قابلة للتغير.  وهو ليس قابلاً للتطور, لأنه تام الوجود والكينونة.  فهو كاملٌ في حد ذاته.  ولن يزداد كمالاً أو قداسةً أو محبة.  وهو كل ما يريد أن يكون.  أراد العلماءً اليهود ترجمة هذا الاسم "أهيه الذي أهيه" إلى اليونانية في الترجمة السبعينية.  فاختاروا تعبير "أنا كائن."  وليس من قبيل المصادفة أن يسوع استخدم نفس هذا التعبير للإشارة إلى نفسه غير مرة: "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن."يوحنا 8: 58.  وهكذا يوحد السيد المسيح نفسه بملاك الرب أو يهوه أو "هْيه الذي هْيه" في العهد القديم. وهكذا رأى موسى المسيح في شخص ملاك العهد.  فليتنا نعرف هوية مخلصنا العظيم.

 

أسئلة الفصل السابع

ما العلاقة بين اسم الله "أهيه الذي أهيه" في العهد القديم، وقول المسيح عن نفسه "أنا كائن"؟

كيف نعرف أن "ملاك الرب" الذي كلم إبراهيم في تكوين 22 هو نفسه الرب؟

يقول الوحي إن موسى اعتبر "عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر"؟ فكيف عرف موسى المسيح مع أنه ولد بقرون طويلة قبله؟

 


www.agape-jordan.com - 2005